تقرير : تلاعب المدارس الأهلية في عدن… تخفيضات وهمية تُشعل الغضب


خدعة التخفيضات

أثارت ما يسمى بـ”تخفيضات” المدارس الأهلية في العاصمة عدن موجة غضب واسعة بين أولياء الأمور، بعدما انكشفت حقيقة التحايل الفاضح على قرار وزارة التربية القاضي بخفض الرسوم الدراسية بنسبة 30٪، فالقرار الذي كان يُفترض أن يخفف من الأعباء الثقيلة عن كاهل المواطنين، تحوّل بقدرة إدارات المدارس إلى مجرد لعبة محاسبية مكشوفة، تستهدف جيوب الناس قبل أي اعتبار للقيم التربوية أو الرسالة التعليمية.

ورغم ادعاء المدارس التزامها بالقرار، إلا أن ما جرى على أرض الواقع لم يكن سوى صورة مضللة، حيث سارعت إدارات بعض المدارس إلى رفع رسومها أولاً تحت مسمى “الأسعار الأصلية”، قبل أن تُعلن لاحقاً عن تخفيض وهمي بنسبة 30٪، ما جعل التخفيض الفعلي لا يتجاوز 10٪ مقارنة بالعام الماضي.

وخلقت هذه الممارسات حالة من السخط الشعبي، ودفعت كثيراً من الأهالي إلى التعبير عن استيائهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين أنهم لم يعودوا قادرين على مجاراة هذا الاستنزاف المستمر.

و لم يقتصر الغضب على أولياء الأمور فقط، بل اعتبر ناشطون أن ما حدث يمثل محاولة فجة للتلاعب على الرأي العام وإظهار المدارس بمظهر الملتزم، بينما الحقيقة أنها ابتكرت وسيلة جديدة لنهب أموال المواطنين.

وتساءل كثيرون بحدة: أين دور مكاتب التربية في مراقبة الأسعار؟ وهل يُعقل أن تفتقر تلك المكاتب إلى قوائم دقيقة بالرسوم المعتمدة في العام الماضي؟ أم أن هناك حالة تغاضٍ وصمت غير مبرر سمح لهذا العبث بأن يمر مرور الكرام؟

وجعلت هذه التساؤلات المشهد أكثر قتامة، خصوصاً وأن ما يحدث يضرب أساس العملية التعليمية في عدن، ويحوّلها إلى سوق مفتوحة للمتاجرة بمستقبل الطلاب وأحلامهم.

وفي ظل غياب الرقابة الفعلية، يتضاعف شعور الأهالي بأنهم تُركوا لمواجهة هذه المؤسسات التجارية المقنّعة في ثوب تعليمي بمفردهم، وسط تجاهل من اعلاميي الدفع المسبق

*موقف مكتب التربية*

ووسط هذا الجدل، خرجت مديرة مكتب التربية والتعليم في العاصمة عدن، الدكتورة نوال جواد، بدعوة صريحة لكافة المدارس الأهلية والخاصة للالتزام بتنفيذ القرار الصادر عن محافظ العاصمة أحمد حامد لملس، والقاضي بتخفيض الرسوم الدراسية بنسبة 30٪.

وأكدت أن هذا القرار جاء مواكبة للإجراءات الحكومية وقرارات البنك المركزي التي ساعدت في تحسن قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، ومراعاة للأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون.

وشددت الدكتورة جواد خلال لقاء موسع عقد بمبنى مكتب التربية مع اتحاد ملاك المدارس وعدد من أولياء الأمور، على ضرورة الاهتمام بالتعليم الأهلي والخاص باعتباره رافداً أساسياً للتعليم الحكومي، مع الالتزام الصارم بمعايير الجودة واللوائح المنظمة. وأشارت إلى أن اللقاء جاء في وقت حساس تزامناً مع الاستعدادات لانطلاق العام الدراسي الجديد، وهو ما يستدعي من الجميع أن يكونوا أكثر مسؤولية تجاه المجتمع.

وغير أن كلمات مديرة مكتب التربية لم تبدد الشكوك العميقة لدى الأهالي، الذين يرون أن الواقع يتناقض تماماً مع هذه التوجيهات، فالتخفيضات بقيت حبراً على ورق، بينما الرسوم المفروضة على الأرض لا تزال مرتفعة بشكل غير مسبوق، ما جعل كثيرين يعتبرون أن هذه الاجتماعات لا تعدو كونها رسائل إعلامية لامتصاص الغضب دون حلول عملية.

*حملات النزول الميداني*

وفي محاولة لطمأنة الشارع، أكدت الجهات المختصة أن الحملة الميدانية التي تنفذها ليست موجهة ضد الأشخاص، ولا تهدف إلى ملاحقة أو اعتقال أحد، وإنما الغرض منها ضبط المدارس المخالفة للرسوم أو التي تعمل دون ترخيص.

وتم التشديد على أن الهدف الأول والأخير هو حماية حقوق الطلاب وأولياء الأمور وضمان التزام المدارس باللوائح والقرارات.

كما تم نفي الشائعات التي طالت بعض المدارس، ومنها ما قيل عن توقيف مدير مدرسة “نون والقلم”، الأستاذ مقداد عز الدين علي، حيث أوضحت السلطات أن الرجل يزاول عمله بشكل طبيعي، وأن المدرسة قد استوفت كافة الإجراءات واستأنفت نشاطها التعليمي بناءً على توجيهات رسمية، وكانت هذه التوضيحات محاولة لإغلاق باب الإشاعات، لكنها لم توقف النقاش الدائر حول حقيقة ما يحدث خلف الكواليس.

وأكدت مكاتب التربية أن أي معلومات مغلوطة يجري تداولها هدفها إثارة البلبلة، ودعت الجميع إلى تحري الدقة وعدم الانسياق وراء الأخبار غير الموثوقة، مشددة على أن المصلحة العليا تكمن في حماية التعليم وضمان استقراره بعيداً عن الصراعات والمصالح الضيقة.

*الرقابة القضائية والتجارية*

و تنفيذاً لتوجيهات النائب العام، تواصلت حملات النزول الميداني برئاسة وكيل نيابة الأمن القاضي بسام غالب، وعضوية وكيل وزارة الصناعة والتجارة راشد حازب، ومدير إدارة الأسواق وحماية المستهلك عمر عباد، وايضا نزولات أخرى مماثلة من مدراء عام مديريات الشيخ عثمان، وصيرة.

وتركزت هذه النزولات على التأكد من التزام المدارس الأهلية بقرار تخفيض الرسوم الدراسية، والتعامل بالعملة الوطنية فقط دون فرض أي زيادات غير قانونية.

وخلال النزول، شدد القاضي غالب على أن القانون سيطبّق بحزم ضد أي مدرسة تحاول التلاعب أو تجاهل القرارات الحكومية، مؤكداً أن النيابة لن تتساهل مع من يحاول تحويل التعليم إلى مشروع استثماري جشع.

وأشار مدير إدارة الأسواق وحماية المستهلك إلى أن هذه الحملات جزء من خطة شاملة وضعتها الوزارة، لا تقتصر على التعليم فقط، بل تشمل مختلف القطاعات الخدمية والتجارية في عدن. الهدف المعلن هو حماية المستهلك وتعزيز الالتزام بالأنظمة، غير أن التحدي الحقيقي يبقى في تنفيذ هذه التعهدات على أرض الواقع، حيث ما زال المواطنون يشككون في جدية المتابعة.

*تحذيرات مشددة*

وزارة الصناعة والتجارة كانت شددت مسبقا هي الأخرى على ضرورة التزام جميع المدارس الأهلية والجامعات والمنشآت الخدمية بمراجعة أسعارها وتخفيضها بما يتناسب مع تحسن سعر صرف العملة الوطنية.

وأوضح وكيل الوزارة الدكتور راشد حازب أن إبقاء الرسوم مرتفعة أو التعامل بالعملة الأجنبية يُعد مخالفة جسيمة يعاقب عليها القانون، مشيراً إلى أن العقوبات قد تصل إلى سحب السجلات التجارية وإحالة المخالفين إلى النيابة.

وأكد حازب أن الوزارة ستواصل حملاتها الرقابية المكثفة في العاصمة عدن وبقية المحافظات للتأكد من الالتزام، وأن أي تجاوز سيتم التعامل معه بحزم دون استثناء. وأوضح أن حماية المستهلك تقع في صدارة أولويات الحكومة، وأن أي مؤسسة لا تراعي هذه الأولويات تُثبت أنها تعمل وفق منطق الربح فقط، بعيداً عن أي مسؤولية اجتماعية أو وطنية.

*استياء الأهالي واستمرار المهزلة*

ورغم كل هذه التصريحات، بقيت شكاوى أولياء الأمور تتدفق بشكل يومي، مؤكدين أن ما يحدث لا يرقى إلى مستوى الإصلاح الحقيقي، فالتخفيضات لا تزال شكلية، والأسعار الجديدة أعلى مما كانت عليه سابقاً، والأهالي باتوا يرون أنفسهم بين سندان إدارات المدارس ومطرقة غياب الرقابة الفعلية، وهو ما جعل البعض يلجأ إلى التفكير في سحب أبنائه من المدارس الخاصة والعودة إلى التعليم الحكومي كخيار اضطراري(في حال توفر)

وفي ظل استمرار هذا الوضع، تتكشف المهزلة يوماً بعد يوم، إذ يتضح أن القرارات الحكومية لم تجد طريقها إلى التنفيذ السليم، وأن إدارات المدارس ما تزال تتفنن في ابتكار طرق جديدة للالتفاف على القوانين.

وبينما تستمر التصريحات الرسمية في الحديث عن التزام وضبط ومتابعة، يظل الواقع صادماً لأولياء الأمور الذين يدفعون الثمن مضاعفاً في نهاية المطاف.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى