تحركات المجلس الانتقالي ضد حرب الخدمات.. ضرورة وجودية وليست استجابة ظرفية

رأي المشهد العربي

في الجنوب العربي، تتخذ الحرب شكلاً مختلفًا، لا تُخاض بالسلاح فقط، بل بالخدمات المقطوعة، والرواتب المعلقة، والمياه الملوثة، والطاقة المهدرة عمدًا.

هذا الاستهداف يمثل حرب استنزاف معقدة تستهدف كسر الإرادة لشعب يسعى نحو التحرر، وتشتيت بوصلته الوطنية عبر إنهاكه اليومي بالمعيشة.

في قلب هذه المعركة، يقف المجلس الانتقالي الجنوبي، لا كمجرد سلطة سياسية، بل كجدار دفاعي يحاول كبح جماح الانهيار المنهجي.

ومنذ بروز هذه السياسات الممنهجة ضمن “حرب الخدمات”، بات واضحًا أن المسألة ليست فشلًا إداريًا عابرًا، بل خطة منظمة تستهدف الجنوب ككيان وهوية.

أمام هذه المعادلة الصعبة، تبنّى المجلس الانتقالي نهجًا متدرجًا، يبدأ من رصد الأزمات، ولا ينتهي عند المبادرات العاجلة لمعالجتها، بل يمتد إلى تفكيك البنية التي تُغذي هذه الحرب وإعادة هندسة الواقع الإداري والاقتصادي في محافظات الجنوب.

واحدة من أبرز أولويات المجلس كانت ملف الكهرباء، وهو الأكثر حساسية وتأثيرًا في حياة المواطن، ففي ظل اختناق الصيف والطلب المتزايد على الطاقة، عمل المجلس على توقيع اتفاقيات طارئة لاستيراد وقود الكهرباء، وتوفير محطات طاقة مؤقتة، وتنظيم حملات صيانة لشبكات التوزيع.

ورغم التحديات التمويلية والتدخلات المركزية المتعمدة لإفشال الجهود، إلا أن النتائج الميدانية أظهرت تحسنًا نسبيًا في بعض المناطق.

لكن المجلس يدرك أن حرب الخدمات ليست أزمة طاقة أو ماء فقط، بل اختبار سياسي للقدرة على إدارة الجنوب ككيان مستقل، ولهذا فإن التعاطي مع هذه الحرب تجاوز الحلول الإسعافية إلى طرح مشروع تحصين اقتصادي متكامل.

وقد تضمنت الخطوات إعادة تفعيل الموارد المحلية، كالجمارك والنفط والثروات البحرية، وربطها بموازنات مخصصة للخدمات الأساسية، ضمن سياسة تهدف إلى الحد من الاعتماد على المركز الذي طالما استخدم أدوات التحكم المالي كسلاح سياسي.

وينشط المجلس في تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية والإقليمية لتأمين دعم إنساني عاجل، وكذلك إعادة تنظيم القطاعات الخدمية عبر مجالس محلية أكثر كفاءة وشفافية، قادرة على تقديم حلول مستدامة بدلاً من التعايش مع الأزمات.

الأهم هو أن هذه المواجهة لم تعد استجابة ظرفية لأزمة آنية، بل أصبحت ضرورة وجودية تمس جوهر المشروع الجنوبي.

فقد باتت حرب الاستنزاف تبدأ من انقطاع الكهرباء، لكنها تهدف في عمقها إلى ضرب السيادة، عبر فرض واقع معيشي خانق يزاحم المشروع الوطني في وعي الناس ويُضعف الثقة بالقيادة.

من هنا، فإن كل خطوة إصلاحية وكل قرار خدماتي يتخذه المجلس الانتقالي لم يعد مجرد إدارة أزمة، بل إعلان صريح عن التمسك بالحق في تقرير المصير وبناء مؤسسات جنوبية ذات كفاءة. فالمعركة اليوم ليست فقط من أجل الماء والضوء، بل من أجل أن يملك الجنوب قراره، ويصوغ مستقبله بعيدًا عن العبث والتبعية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المشهد العربي , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المشهد العربي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى