بيان هيئة علماء اليمن بشأن تطورات الأحداث في حضرموت والمهرة

أصدرت هيئة علماء اليمن بياناً هاماً حول تطورات الأحداث المتسارعة في محافظتي حضرموت والمهرة، أكدت فيه على الثوابت الشرعية الداعية للاعتصام والاجتماع، محذرة من مغبة الانزلاق نحو الفتنة والاقتتال الداخلي.
وشددت الهيئة في بيانها الصادر اليوم الثلاثاء، على أن الالتزام بالعهود والمواثيق المبرمة بين الكيانات السياسية والمسؤولين هو “أصل من أصول الشريعة”، معتبرة أي نكث للاتفاقات المنظمة لشؤون الدولة أمراً محرماً شرعاً لما يترتب عليه من ضياع للحقوق وإشعال للفتن.
طاعة ولي الأمر والالتفاف حول الشرعية
وأكد العلماء أن طاعة ولي الأمر الشرعي، ممثلاً برئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، واجبة بنصوص الكتاب والسنة في كل ما فيه حفظ لأمن البلاد واستقرارها. ودعت الهيئة كافة القوى السياسية والمواطنين إلى الالتفاف حول الشرعية والوقوف إلى جانب قيادة الدولة لإنفاذ توجيهاتها. وتحريم رفع السلاح ومنع أي خروج مسلح على مؤسسات الدولة أو تمزيق النسيج الاجتماعي.
تحذير من “تسييس الفتوى” ودعوة للمغرر بهم
وحذرت الهيئة بشدة من محاولات “تشطير المرجعية الدينية” وتوظيف الفتاوى في الصراعات السياسية والحزبية، واصفة إياها بالسابقة المذمومة التي تهدد السلم المجتمعي. كما وجهت نداءً للمجاميع التي انخرطت في أعمال مسلحة خارج إطار الدولة لـ “تقوى الله وحقن الدماء” والعودة عن مسارات العنف.
تثمين الدور السعودي ومطالبة “الانتقالي” بضبط النفس
وثمنت الهيئة في بيانها موقف المملكة العربية السعودية وحرصها على منع نشوب حرب أهلية، مشيدة بدور علمائها في حماية العقيدة وتعزيز الأخوة الإسلامية. وفي المقابل، دعت الهيئة “المجلس الانتقالي” وكافة المكونات السياسية إلى ضبط النفس وتحكيم لغة العقل والحكمة. والاحتكام للدولة والالتزام بالمرجعيات القانونية والشرعية. ووقف التحركات الميدانية وتجميد كافة الدعوات المسلحة لسد أبواب الفتنة.
واختتمت هيئة علماء اليمن بيانها بالتأكيد على أن صون أمن اليمن وسيادته “أمانة شرعية”، محملة أصحاب الفتاوى التحريضية والتكفيرية المسؤولية الأخلاقية عن أي دماء قد تسفك نتيجة دعواتهم.
وفيما يلي نص البيان:
بيان هيئة علماء اليمن بشأن تطورات الأحداث في حضرموت والمهرة:
الحمد لله رب العالمين القائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود﴾، والقائل سبحانه وتعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُون﴾. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فإن هيئة علماء اليمن، وهي تتابع تطورات الأحداث الجارية في محافظتي حضرموت والمهرة، تؤكد على الثوابت الشرعية الجامعة، وتذكّر أبناء اليمن جميعًا بما أوجبه الله تعالى من الاعتصام والاجتماع ونبذ الفرقة والفتنة. امتثالًا لأمر الله تعالى القائل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ.
وفي هذا السياق، تذكّر الهيئة بما يلي:
أولًا: وجوب الالتزام بالعهود والمواثيق شرعًا، على مستوى الأفراد من مسؤولين وعامة الناس أو الكيانات السياسية، كون ذلك من أصول الشريعة، وركنٌ من ركائز الاستقرار والأمان، قال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾، وإن أي نكثٍ للاتفاقات والمرجعيات المنظمة لشؤون الدولة والمجتمع يُعد محرّمًا شرعًا، لما يترتب عليه من إشعال الفتن، وإهدار الحقوق، وتعريض البلاد للفوضى والاقتتال.
ثانيًا: تؤكد هيئة علماء اليمن أن طاعة ولي الأمر الشرعي في غير معصية الله – ولاسيما- في ما فيه حفظ الأمن واستقرار البلاد واجبةٌ بنصوص الكتاب والسنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عليك السمعَ والطاعةَ في عُسْرِكَ ويُسْرِكَ، ومَنشَطِكَ ومَكرَهِك”، رواه مسلم.
وعليه؛ فإن طاعة ولي الأمر هي السبيل الأقوم لدفع الفتنة، وحفظ الدماء، وصيانة المجتمع من التمزق والاقتتال الداخلي، فلا يجوز شرعًا رفع السلاح أو الخروج على مؤسسات الدولة، أو الانخراط في مشاريع الإضرار بالوطن وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
ثالثا: وتأسيسا على ما سبق، تدعو الهيئة إلى الالتفاف حول الشرعية، والوقوف الى جانب الدولة، وقيادتها السياسية، ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي وإنفاذ توجيهاته، بما يحقن الدماء ويحفظ البلاد من الذهاب إلى الفوضى .
رابعا: تحذر الهيئة من محاولات تشطير المرجعية الدينية؛ لما يترتب على ذلك من فتحٍ لباب توظيف الفتوى في الصراعات السياسية والحزبية بغير حق، فضلا عن كونه امتدادا لإجراءات أحادية صدرت من غير ذي ولاية شرعية فكانت معدومة الأثر، وتمثل سابقة مذمومة تفضي إلى الإخلال بمكانة الفتوى الشرعية وتهديد السلم المجتمعي.
خامسا: تثمّن هيئة علماء اليمن موقف المملكة العربية السعودية الشقيقة، وحرصها على منع انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، ودعم جهود التهدئة، وحماية النسيج الاجتماعي ، والوقوف إلى جانب اليمنيين في درء الفتنة وإطفاء بؤر الصراع. وفي هذا السياق تثمن الهيئة دور علماء المملكة العربية السعودية الذين أسهموا في إثراء الفقه الإسلامي في النوازل وحماية جناب العقيدة الصحيحة والذود عن حق الشعوب في الأمن والاستقرار وتعزيز الأخوة الإسلامية.
سادسا: تدعو الهيئة المجاميع المغرر بهم الذين انخرطوا –عن قصد أو غير قصد– في أعمال رفع السلاح على المواطنين أو المشاركة في مشاريع تضر باليمن وجيرانه واستخدام القوة خارج إطار الدولة، إلى تقوى الله، وحقن الدماء وسدّ ذرائع الفتنة والاقتتال. يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه: “إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار”، متفق عليه.
سابعا: تؤكد الهيئة على أن ما صدر عن بعض الأصوات من فتاوى تكفيرية أو دعوات للتحريض والاقتتال واستباحة لدماء المخالفين لهو من أخطر أبواب الفتنة، ويتعارض مع منهج أهل السنة والجماعة، ويجرّ البلاد إلى دوامات الدم والخراب. يقول الله تعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾. ولذلك؛ فإن هيئة علماء اليمن تحمل أصحاب تلك الفتاوى المسؤولية الشرعية والأخلاقية عما يترتب عليها من دماء ومظالم وفتن، وتحثها على العودة الى جادة الصواب، وعدم الخروج عن مقررات المرجعيات العلمية الموثوقة.
ثامنا: تدعو هيئة علماء اليمن الإخوة في المجلس الانتقالي وجميع المكونات السياسية إلى ضبط النفس وتحكيم العقل والحكمة والاحتكام لمؤسسات الدولة، والالتزام بالمرجعيات الشرعية والقانونية، وتوقيف كافة الدعوات المسلحة والتحركات الميدانية، والعودة إلى كلمة سواء تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم، وتسدّ أبواب الفتنة قبل أن تتسع دوائرها.
ختامًا: إن الحرص على أمن اليمن، وسيادته وسلامة أراضيه واستقراره أمانة شرعية ومسؤولية وطنية، ولا يجوز التفريط بها أو الزجّ بالبلاد في صراعات عبثية تهلك الحرث والنسل.
نسأل الله تعالى أن يحفظ اليمن وأهله، وأن يجمع كلمتهم على الحق، ويحقن دماءهم، ويقطع دابر الفتنة.
والله ولي التوفيق.
صادر عن
هيئة علماء اليمن
10 رجب 1447هـ
30 ديسمبر 2025 م
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المشهد اليمني , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المشهد اليمني ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.








