بسبب “الولاء لإيران”.. الصراعات تعصف بالحوثيين في اليمن

تفيد معلومات خاصة حصل عليها “إرم نيوز” من مصادر يمنية مطلعة، أن ميليشيا الحوثي تمر حاليا بمرحلة إعادة تشكل داخلية غير مسبوقة، تتجاذبها رؤيتان متناقضتان حول مستوى الارتباط بإيران وحجم الاستقلالية التي يجب أن تتمتع بها الجماعة في المرحلة المقبلة.

هذه التطورات، التي تزامنت مع تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة وتغير موازين القوى داخل ما يسمى “محور المقاومة”، دفعت ميليشيا الحوثي إلى إعادة تقييم علاقتها مع طهران بين من يرى ضرورة التمسك بالتحالف الاستراتيجي، وبين من يعتقد أن اللحظة الراهنة تمنح الحوثيين فرصة للتحرك كقوة إقليمية مستقلة.

وبحسب مصدر سياسي يمني مطلع على المداولات الداخلية للجماعة، فإن الحديث عن “تمرد كامل” داخل الجماعة هو مبالغة، لكن الصحيح هو أن الحوثيين لم يعودوا كتلة واحدة في تعاملهم مع إيران، بل تشكل داخلهم تياران متصارعان؛ الأول تيار “الاستقلالية” الذي يريد توسيع هامش القرار الأمني والعسكري بعيداً عن طهران، والثاني تيار “الارتباط الكامل” الذي يرى أن الحفاظ على العلاقة العضوية مع طهران هو شرط لبقاء الميليشيا وتمددها. 

علاقة ثابتة

المصادر اليمنية التي تحدثت لـ”إرم نيوز” تؤكد أن العلاقة بين الحوثيين وإيران لم تهتز جذريا، وما زالت طهران الممول الأول والداعم العسكري الأبرز للجماعة. غير أن هذه العلاقة لم تعد على الصورة القديمة التي كانت فيها طهران تصدر التعليمات والجماعة تنفذ دون نقاش.

اليوم، وفق أكثر من مصدر، أصبحت العلاقة “تفاوضية” في داخلها، تتحكم بها حسابات سياسية، ومصالح اقتصادية، وتقديرات ميدانية تختلف بين أجنحة الميليشيا.

ينقل تقرير لصحيفة التلغراف البريطانية عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن الحوثيين “خرجوا عن السيطرة”. إلا أن قراءة المصادر اليمنية تعتبر هذا الوصف “جزئياً”؛ لأن طهران ما زالت تمسك بخيوط أساسية، وأبرز دليل على ذلك انتقال قيادات حوثية إلى بورتسودان بتنسيق مباشر عبر قنوات إيرانية رفيعة مع قيادات في الجيش السوداني.

تيار الاستقلالية

وفق معلومات خاصة حصل عليها “إرم نيوز”، فإن تيارا صاعدا داخل جماعة الحوثي، يضم قيادات ميدانية شابة ونافذة، يرى أن الجماعة أصبحت في موقع يمكنها من اتخاذ قراراتها العسكرية دون الرجوع لطهران.

هذه المجموعة تعتبر أن إيران أصبحت أضعف بعد خسارة سوريا كمجال نفوذ حر، وفقدت جزءا كبيرا من شبكاتها في لبنان وغزة. كما أنها تتعرض لضربات إسرائيلية نوعية، وتواجه ارتباكا داخليا بفعل العقوبات.

وبناء على هذا التصور، بدأ هذا التيار يتعامل مع الميليشيا كـ “دولة إقليمية صاعدة” لديها مساحة تفاوض خاصة مع واشنطن وأوروبا ودول البحر الأحمر، ولا يجب أن تظل “تابعة لطهران” في كل خطوة.

المصدر اليمني أشار إلى أن “جزءاً من العمليات الحوثية ضد الملاحة البحرية أخيرا نُفذ دون تنسيق كامل مع إيران، رغم محاولات طهران تهدئة الوضع لتجنب ضربة أمريكية مباشرة.” 

تيار الارتباط

في المقابل، يرى تيار نافذ داخل ميليشيا الحوثي، يضم أبرز القيادات العقائدية وقادة اللجان الثقافية والمشرفين الأمنيين، أن إيران هي “الضامن الاستراتيجي” لبقاء الميليشيا، وأن أي محاولة للانفصال عنها ستجعل الحوثيين في مواجهة إقليمية ودولية لا قدرة لهم على تحملها.

هذا التيار – بحسب المصدر السياسي – هو الذي دفع بقوة نحو التنسيق مع إيران في الانتقال إلى بورتسودان، عبر ترتيبات أمنية مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وبغطاء مباشر من الحرس الثوري.

ويضيف المصدر: “هذا الانتقال ما كان ليحدث دون ضوء أخضر إيراني، وهو يؤكد أن العلاقة الاستراتيجية مستمرة، وأن طهران ما زالت قادرة على التأثير في مسارات الجماعة من خلف الستار.”

ويرى هذا التيار أن إيران “المركز” وأن الحوثيين “الذراع”، وأن قوة الجماعة تكمن في بقاء هذا الرابط العقائدي والسياسي مع طهران، وليس في الانفصال عنها.

سلوك ميداني يعكس الانقسام

تقارير مراكز أبحاث مثل “IISS” و “Middle East Institute” و “Alma Research Center” لاحظت خلال الأشهر الماضية تغيرات واضحة في سلوك الجماعة تشير إلى الانقسام بين التيارين، منها أن جزءا من الهجمات على السفن التجارية انطلق بقرار حوثي محلي، لا بإيعاز إيراني مباشر. في المقابل، عمليات نقل الخبراء والسلاح عبر البحر الأحمر تمت كلها بإدارة إيرانية.

الاتصالات السياسية مع وسطاء عُمانيين تتم أحيانا دون علم كامل لطهران. بينما الترتيبات البحرية واللوجستية الجديدة في بورتسودان تمت بتنسيق إيراني شامل.

ويخلص أحد خبراء شؤون إيران في مركز IISS إلى أن الحوثيين “باتوا يتصرفون كقوة تقف بين نموذج حزب الله المرتبط عضويا بإيران، وبين نموذج الحشد الشعبي العراقي الذي يتمتع باستقلالية نسبية”.

لماذا الآن؟

مصادر يمنية خاصة قدمت لـ”إرم نيوز” ثلاثة أسباب رئيسية تجعل هذا الانقسام داخل الحوثيين أكثر وضوحا الآن حسب قولها، أولها انحسار القوة الإيرانية، حيث تراجع حضور طهران بعد خسارة سوريا والضربات الواسعة لمنشآتها العسكرية؛ ما جعل بعض قادة الحوثيين يشككون في قدرتها على الاستمرار كقوة ضامنة.

السبب الثاني هو تضخم اقتصاد الحرب بيد الميليشيا، عبر موارد الحديدة والجمارك والوقود التي وفرت للحوثيين استقلالا ماليا جعل جزءا منهم يرى أنهم “أغنى من أن يكونوا تابعين”.

أما السبب الثالث، وفقا للمصادر، فهو الطموح الإقليمي المتزايد للحوثيين، إذ إن تصور الحوثيين لأنفسهم كقوة تتحكم بباب المندب وخطوط الملاحة جعل شريحة منهم ترى أنهم في موقع يتجاوز الدور الإيراني.  

أخبار ذات علاقة

منظومة صواريخ إيرانية

بمشاركة الحوثي.. إسرائيل ترسم “سيناريو أصعب” مع إيران وسط تسلح متسارع

محور يتغير.. وتموضع جديد

تكشف المعلومات التي تؤكدها مصادر يمنية خاصة وتقارير مراكز أبحاث دولية، أن الحوثيين يقفون اليوم أمام لحظة مفصلية. فالعلاقة مع إيران ما زالت قوية ومستمرة، لكنها لم تعد علاقة “تابع بمرجع واحد”، بل أصبحت علاقة مركبة، فيها مصالح مشتركة، وولاءات عقائدية، لكن فيها أيضا صراع نفوذ داخل الجماعة بين جناحين؛ الأول يريد ترسيخ الاستقلالية وفرض قرار حوثي خالص. والآخر يرى أن البقاء داخل العباءة الإيرانية هو الشرط الأساسي لاستمرار الجماعة.

وفي ظل تراجع قوة طهران في الإقليم، وغياب حزب الله كقائد للمحور، يبدو أن الحوثيين يتجهون تدريجيا إلى لعب دور أكبر من مجرد ذراع، وربما إلى أن يصبحوا القوة الأكثر تأثيرا داخل المحور، حتى وإن ظلوا مرتبطين بمرجعيتهم الإيرانية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى