اليمن الجنوبي نموذج اختبار للإغاثة الإنسانية بعد اعادة هيكلة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID)


بينما يأسف قدامى موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والمستفيدون من سخائها المفرط على سقوطها، لم يذرف الكثيرون في وزارة الخارجية دمعة واحدة؛ فقد كانوا يدركون أن موظفي الوكالة غالباً ما اتسموا بالغرور والإسراف، ونادراً ما سعوا للتنسيق مع أهداف البعثات الدبلوماسية، معتقدين أن أولوياتهم الخاصة يجب أن تكون في المقدمة.

نادراً ما أطلقت الوكالة مشروعاً دون أن تسبقه دراسة استشارية بملايين الدولارات، غالباً ما تكون غير ضرورية، لكنها تمنح لجهة مفضلة أو لشركة أسسها موظفون سابقون في الوكالة. وحتى حين وجّه وزير الخارجية ماركو روبيو الضربة القاضية للوكالة، أعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بتقديم المساعدات الإنسانية. إذ قال روبيو أمام مجلس الشيوخ: “حتى مع الإصلاحات التي طبقناها وما نقترحه من تغييرات في مساعداتنا الخارجية، فإننا ما زلنا نقدم مساعدات خارجية وإنسانية تفوق ما تقدمه الدول العشر التالية مجتمعة، بل أكثر من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأكملها، وأضعاف ما تقدمه الصين.”

في الواقع، غالباً ما يبالغ موظفو الوكالة السابقون في حجم تأثيرهم ودورهم مقارنة بالمنظمات غير الحكومية، وفي الحقيقة لم يكن هناك الكثير مما أنجزته الوكالة لا تستطيع مؤسسات خيرية أخرى القيام به.

ان ما فعله روبيو فعلياً هو إعادة المساعدات الخارجية إلى أساسياتها: والتي تلخصها هذه الكلمات الثلاث البطانيات والقنابل والرشاوى، للتعبير عن الاغاثة، والقوة الامريكية، وشراء الولاءات والنفوذ في دول اخرى. فداخل النقاشات حول المساعدات، لم يعترض أحد في واشنطن على الإغاثة الطارئة بعد الأعاصير أو الزلازل أو الكوارث الطبيعية المشابهة. ما كان يثير اعتراض المتشددين مالياً هو تمويل فشل الحكومات في بناء بنيتها التحتية. ففي دول مثل نيجيريا والصومال أو مناطق مثل غزة وإقليم كردستان العراق، كان المسؤولون المحليون يعتبرون المساعدات الخارجية ضوءاً أخضر لاختلاس إيرادات الجمارك والضرائب دون فقدان قدراتهم.

اليوم، تُعد اليمن—وتحديداً موضوع هزيمة الحوثيين المدعومين من إيران—في صدارة أولويات الأمن القومي الأمريكي. فإذا انتصر الحوثيون في اليمن فلن يعيقوا فقط حرية الملاحة عبر باب المندب، بل إذا سيطروا على جنوب اليمن، فإن إيران ووكلاءها وحلفاءها سيبسطون نفوذهم على 1500 ميل من السواحل الممتدة من باكستان إلى اليمن، بما يشمل مضيق هرمز الاستراتيجي.

ويقف المجلس الانتقالي الجنوبي في طليعة المقاومة المستمرة ضد الحوثيين. وعلى عكس الحكومة المعترف بها دولياً، التي توجد غالباً على الورق فقط ووزراؤها المقيمون في السعودية أو مصر، فإن المجلس الانتقالي هو الكيان السياسي الرئيسي في جنوب اليمن، ويسيطر على أراضٍ ويديرها فعلياً.

وفي المقابل، أظهرت دول وجماعات أخرى التزاماً ضعيفاً بوقف الحوثيين. فقد عقد الرئيس دونالد ترامب اتفاقاً منفصلاً مع الحوثيين مقابل وقف استهداف السفن الأمريكية. وكذلك فضّلت السعودية استرضاء الحوثيين مقابل ضمان الهدوء على حدودها الطويلة مع اليمن التي تتجاوز 800 ميل. أما سلطنة عمان فتخوض لعبة مزدوجة، إذ ترى مسقط أن وجود جنوب يمني قوي يتعارض مع مصالحها أكثر من فوضى اليمن أو انتصار الحوثيين. وحزب الإصلاح—الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين والمشارك في مجلس القيادة الرئاسي المعترف به دولياً—ينتهج النهج ذاته؛ إذ يفضل تمكين الحوثيين وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب على أن يقبل بحكم محلي في جنوب اليمن.

ويشهد اليمن في أواخر الصيف هبوب رياح المونسون القادمة من الهند وبنغلاديش بشكل دوري. ففي 24 أغسطس، اجتاحت الأمطار الغزيرة مدينة عدن وأجزاء من محافظة لحج، حيث غمرت أحياء كاملة في الحسوة وبير أحمد شمال عدن، ودمّرت مئات المنازل، فيما لا تزال حصيلة الضحايا غير معروفة.

فإذا كان روبيو جاداً بشأن توجيه المساعدات إلى حيث الحاجة، فعليه هو ووزير الدفاع بيت هيغسيث أن يرسلا فوراً مساعدات إلى عدن ولحج، عبر الإسقاط الجوي والتنسيق مع المجلس الانتقالي الجنوبي لإرسال الخبراء وعمال الإنقاذ إلى عدن.

لن يساهم ذلك فقط في التخفيف من معاناة إنسانية عاجلة، بل سيُظهر أيضاً لليمنيين أن التخلص من الحوثيين يجلب الأمان والاستقرار والتواصل الفعّال مع العالم الخارجي. كما سيُظهر نفاق الأصوات الحزبية الصامتة اليوم، التي كانت تُطلق صيحات تحذير من كارثة إنسانية إذا ما قُطعت إمدادات الحوثيين عبر ميناء الحديدة أو بوسائل أخرى. وأخيراً، سيعزز ذلك المنطقة الوحيدة الآمنة والفاعلة في اليمن.

*عن مرصد منتدى الشرق الأوسط

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى