المضو..قرية على حدود التاريخ ومطالب التنمية

في أقصى الشمال الغربي من مديرية الشعيب بمحافظة الضالع، وعلى تخوم التماس التاريخي بين الجنوب والشمال، تتربع بلدة “المضو”، القرية التي لطالما شكلت بوابة نضالية وحدودية وممراً للقوافل ومحطات الثوار… واليوم، رغم ما تحمله من إرث كبير، ما تزال تنتظر التنمية التي طال غيابها.

قرية بين الجبال والتاريخ

“المضو”، كما يعرفها أبناؤها، ليست مجرد قرية جبلية يتجاوز عدد سكانها 3000 نسمة، بل ذاكرة وطنية وموقع جغرافي استراتيجي تحدّه جبال شاهقة؛ جبل العوابل من الجنوب، جبل أشمان شرقًا، وجبال المكسر والكومل من الغرب. في قلبها تنتصب شواهد تاريخية على الاتفاقية الأنجلو-تركية عام 1902، التي رسّمت الحدود آنذاك، ومنها نصب بلس وتبة جثام.

أصل التسمية: بين القوافل والعزم

تتنوع الروايات حول اسم “المضو”. بعض كبار السن يرون أن التسمية مشتقة من الفعل “مضى”، لما يدل على الشدة والعزيمة، بينما يرى آخرون أن الاسم ارتبط بالقوافل التي كانت تمر عبرها، وحين يُسأل عنها يُقال: “مضوا”… هكذا ارتبط الاسم بالتاريخ والترحال.

إرث نضالي لا ينضب

يقول الحاج حسين صالح، أحد وجهاء المنطقة:
“المضو لم تسقط في يد الاحتلال عام 1994 مثل غيرها… قاومت حتى آخر لحظة، ودفعت العشرات من الشهداء، لكنها بقيت صامدة”.
فمنذ ثورة 14 أكتوبر، مرورا بحرب 94، إلى معارك المقاومة الجنوبية، كانت “المضو” حاضرة برجالها ونسائها، وقدّمت أسماء بارزة مثل الشهيد فضل السميحي، مقبل ناصر، مصلح قحطان، ومئات غيرهم ممن يصعب حصرهم في قائمة واحدة.

صوت الناس… وغياب التنمية

رغم هذا الإرث، تعاني “المضو” من غياب الخدمات الأساسية. في استطلاع أجريناه  على هذه المنطقة في سياق السطور التالية:

“مدارس مكتظة، نحتاج لتسعة فصول للبنات وثلاثة للثانوية. لا توجد إذاعات مدرسية، ولا حتى مظلات تقي الطلاب من حر الشمس. الطريق المؤدي للمدارس ترابي وصعب لا يتجاوز طوله 50 مترًا لكنه يمنع دخول السيارات!”.

مشروع طريق منذ 2010… لم يرَ النور

“هناك طريق استراتيجي يربط العوابل بالمضو ثم بمريس بطول 23 كم معتمد منذ عام 2010، لكنه مجمّد حتى اليوم، رغم أنه يخدم مئات القرى في الشعيب ومريس”.
مركز صحي بحاجة إلى دعم

“يوجد بالمنطقة مركز صحي بسيط يخدم قرى كثيرة لكنه يفتقر لأجهزة المختبر ولا يتلقى أي دعم لتحويله إلى مستشفى ريفي، رغم أهميته الجغرافية”.

طريق بديل سيختصر المسافة 30 كيلومتراً!

يُجمع الأهالي على أن شق طريق “المضو – الخطم – القهرة”، بطول كيلومتر واحد فقط، سيختصر المسافة إلى الحصين من 40 إلى 10 كيلومترات، لكن لا توجد أي جهة تهتم بتنفيذه رغم بساطة المشروع وعظم فائدته.

اتصالات… تغطية من الشمال وأسعار مضاعفة

أما الاتصال، فالمأساة مضاعفة. يقول المواطن محمد عبده:
“نضطر لاستخدام تغطية من مناطق شمالية، والباقة تكلفنا 5000 ريال مقارنة بـ1500 فقط في مناطق أخرى من الضالع، ولا يوجد لدينا أي مقوّي إرسال منذ عام 1990!”.

كهرباء ومياه… على نفقة المواطنين

تم توصيل الكهرباء للمضو من مديرية الحصين عبر القهرة، لكن الشبكة تم تركيبها بتمويل ذاتي من الأهالي، خلافاً لما حدث في بقية قرى الشعيب.

كذلك المياه، فالمواطنون حفروا أكثر من 40 بئرًا سطحية وجوفية على حسابهم، بتكلفة فاقت 400 مليون ريال، دون دعم من أي جهة حكومية أو خيرية.

الفقر نسب لا تُراعى في توزيع الإغاثة

تضم المضو وقرية أشمان أكثر من 3500 نسمة، ورغم ذلك لا يتم احتسابها ضمن المناطق الأشد فقراً في مديرية الشعيب. يقول أحد النشطاء المحليين:
“بعض المراكز الغنية تأخذ نفس مخصصات مراكز فقيرة مثل المضو، مما يعمق الفجوة ويزيد من معاناة الأهالي”.

الزراعة: نشاط قائم دون دعم

رغم اهتمام كثير من المزارعين بزراعة الذرة والبن والصين، إلا أن غياب الدعم الزراعي كلي، لا حراثات ولا خزانات مياه ولا بيوت زراعية.

المساجد… والمجتمع المتعاون

تضم المضو ثلاثة جوامع رئيسية بُنيت بجهود أهلية، منها الجامع الكبير في القرية السفلى، وجامع فلحان، وجامع الحقل. كما توجد مساجد صغيرة أخرى تم بناؤها بتبرعات الأهالي، وشاركت النساء في التبرع بالحُلي لبناء بعضها.

أين النادي؟

“نادي الرماة” هو المقر الوحيد للأنشطة في المضو، لكنه صغير جدًا ولا يتسع إلا لخمسة عشر شخصًا. الأهالي يطالبون بدعمهم بنادٍ ثقافي واجتماعي يواكب عدد السكان المتزايد.

الختام: صوت قرية على هامش الخريطة

بلدة “المضو” ليست مجرد قرية نائية… إنها بوابة الشعيب ونبض من نضال الجنوب، لكنها مهمشة تنمويًا. أصوات أبنائها ترتفع مطالبة بتوصيل الطريق، وتحسين التعليم، وتوفير الخدمات الصحية والاتصالات، وكل ما يجعل من الحياة الكريمة ممكنة في قرية دفعت أغلى ما تملك في سبيل الوطن.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى