القرار المالي الذي يحدد مصير الشرعية والإصلاح الاقتصادي

القرار الذي أصدره المجلس الرئاسي ورئيس مجلس الوزراء بتوريد عائدات المؤسسات الإيرادية و من بينها الجمارك إلى البنك المركزي يمثل خطوة مفصلية في مسار الإصلاح المالي والإداري في المحافظات المحررة، إذ يهدف إلى توحيد الإيرادات العامة وضمان شفافيتها وتوظيفها في خدمة الموازنة العامة للدولة، بدلا من بقائها مشتتة بين حسابات السلطات المحلية والجهات المتنفذة.
غير أن تمرد السلطات المحلية في محافظة المهرة على القرار، وقيامها بتهديد مصلحة الجمارك في المحافظة بالفصل من العمل في حال توريد الإيرادات إلى البنك المركزي، يعكس حجم الانقسام المؤسسي وغياب سلطة الدولة الفعلية على الأرض. هذه الخطوة تمثل تحديا مباشرا لقرارات القيادة العليا واختبارا حقيقيا لمدى قوة المجلس الرئاسي وقدرته على فرض النظام المالي الموحد.
تداعيات هذا التمرد لن تقف عند حدود المحافظة المعنية، بل ستمتد إلى باقي المحافظات، إذ ستدفع بعضها إلى تقليد هذا السلوك إن لم تواجه بحزم، مما يعني انهيار أي مسعى لتوحيد الإيرادات العامة، واستمرار الفوضى المالية التي تغذي الفساد و تعرقل دفع الرواتب وتمويل الخدمات الأساسية.
نجاح تنفيذ القرار سيشكل بداية أمل حقيقي للإصلاح الاقتصادي وإعادة الثقة بالمؤسسات الرسمية، و سيساهم في تقليص العجز المالي، و استعادة الانضباط المالي و الإداري. أما فشل تطبيقه فسيؤدي إلى تدهور شامل في الوضع الاقتصادي والسياسي، و يكرس حالة الانقسام ويضعف شرعية الحكومة أمام الداخل والخارج.
كما يبدو، فإن وراء هذا التمرد على قرار المجلس الرئاسي قوى خفية تمتلك نفوذا سياسيا و اقتصاديا، تدفع بعض السلطات المحلية إلى العصيان خدمة لأجنداتها الخاصة. هذه القوى تدرك أن تنفيذ القرار يعني استعادة الدولة لسيطرتها على المال العام، وبالتالي خسارتها لنفوذها داخل البلاد.
مصلحة تلك القوى تكمن في استمرار الفوضى والتدهور الاقتصادي، وفي إبقاء الموظفين دون مرتبات، حتى تتفاقم حالة الغضب الشعبي ضد السلطة الشرعية، مما يهيئ الأرضية لقبول أي تسوية سياسية تفرض من الخارج وتعيد ترتيب المشهد بما يخدم مصالحها.
إن هذا السيناريو يعد أخطر ما يواجه الحكومة اليوم، لأنه يستهدف كيان الدولة من الداخل، عبر ضرب الثقة بين القيادة و المواطن، و تعطيل أي إصلاح مالي أو إداري. لذلك، فإن الحسم في هذه القضية ليس خيارا، بل ضرورة وطنية لحماية القرار السيادي، وقطع الطريق أمام القوى التي تراهن على انهيار المؤسسات لتحقيق مكاسبها.
إن الحسم في هذا الملف لا يتعلق فقط بالمال العام، بل بهيبة الدولة ومستقبلها، فإما أن تنتصر سلطة القانون والمؤسسات، أو يستمر العبث الذي ينهك ما تبقى من الدولة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.








