التربية السلطوية مقابل التساهل.. كيف تؤثر على نفسية الطفل وسلوكه؟

التربية هي الأساس الذي تبنى عليه شخصية الطفل وسلوكه، وتتفاوت أساليب التربية بين الصرامة والتساهل.
وتُعد التربية السلطوية أو الإفراط في الانضباط نمطا يعتمد على القوانين الصارمة والعقوبات القاسية، مع غياب مساحة الحوار أو التفاوض مع الطفل، هذا الأسلوب ينعكس سلبًا على شخصية الأبناء؛ إذ يضعف ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم مترددين وخائفين من اتخاذ القرارات أو مواجهة الفشل.
وأوضحت الاستشارية التربوية والنفسية حنين البطوش، أن التربية السلطوية تُربي بالأطفال ميلًا لقمع مشاعرهم خوفًا من العقاب، ما يصعّب عليهم التعبير عنها بشكل صحي لاحقًا.
وعلى المدى البعيد وفقا للخبيرة، قد يظهر التمرد والعناد كآلية دفاعية لاستعادة السيطرة، إلى جانب زيادة السلوكيات العدوانية.
وكذلك، يعاني الطفل من ضعف في مهارات التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية، لافتقاره إلى الخبرة في التفاوض وحل المشكلات، وهي مهارات ضرورية لتوازنه النفسي والاجتماعي.
غياب الحدود
أما فيما يتعلق بالتربية المتساهلة أو الإفراط في الحرية فبينت البطوش في حديثها لـ”إرم نيوز”، بأنها نمط يقوم على منح الطفل حرية شبه مطلقة مع غياب واضح للقواعد أو التوجيه.
ورغم أن الحرية عنصر مهم في بناء شخصية مستقلة، فإن غياب الحدود يجعل الطفل يفتقر إلى الإحساس بالمسؤولية عن أفعاله، فيميل إلى سلوكيات متهورة وغير مدروسة.

وأضافت الخبيرة أنه يواجه صعوبة في الالتزام بالتعليمات والقوانين، ما قد ينعكس سلبًا على أدائه في المدرسة أو العمل مستقبلًا.
ومن الجوانب الأخرى السلبية التي تحدثت عنها الخبيرة بأن الطفل سيعاني ضعفًا في ضبط انفعالاته، فلا يعرف كيف يتعامل مع الإحباط أو يسيطر على غضبه، ما يجعله عرضة لنوبات غضب متكررة.
ومع مرور الوقت، قد تتأثر علاقاته الاجتماعية، إذ يتصرف بأنانية أو يهمل مشاعر الآخرين، ما يعيق بناء علاقات صحية ومتوازنة.
لذا نصحت البطوش بأن التربية تحتاج إلى توازن بين الحرية الممنوحة والتوجيه الواعي، بحيث يشعر الطفل بالثقة وفي الوقت نفسه يتعلم حدود المسؤولية والانضباط.
وشددت البطوش في حديثها لـ “إرم نيوز” على أن التربية المتوازنة أو الديمقراطية تُعدّ من أكثر الأساليب التربوية صحة وفاعلية، إذ تقوم على الدمج بين الحرية الموجهة والانضباط المرن.
وفي هذا النمط، يضع الأهل قواعد واضحة تتماشى مع عمر الطفل، لكنهم في الوقت نفسه يمنحونه مساحة للتعبير عن رأيه والمشاركة في اتخاذ بعض القرارات.
طفل متزن نفسياً واجتماعياً
وهذا التوازن يُنمّي لدى الطفل إحساسًا قويًا بالمسؤولية، ويعزز ثقته بنفسه وقدرته على اتخاذ قرارات سليمة، كما يساعده على ضبط مشاعره وإدارتها بوعي، فيتعلم كيف يتعامل مع الإحباط والمواقف الصعبة بمرونة.
وعلى الصعيد الاجتماعي بينت الخبيرة أن الطفل يصبح أكثر قدرة على التواصل وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون، لأنه نشأ في بيئة علمته الحوار والتفاوض. وبذلك، تُعد التربية المتوازنة قاعدة أساسية لإعداد طفل متزن نفسيًا واجتماعيًا، وقادر على مواجهة تحديات الحياة بثقة.
وأشارت البطوش إلى أن أساليب الانضباط الفعّالة تقوم على التوجيه والتربية لا على العقاب فقط، إذ تهدف إلى تعليم الطفل كيفية التصرف السليم وفهم عواقب أفعاله، ويبدأ ذلك من خلال وضع قواعد واضحة ومحددة، بحيث يعرف الطفل تمامًا ما هو متوقع منه.
ويُعد الحوار عنصرًا أساسيًا في هذا الأسلوب وفقا للخبيرة، حيث يشرح الأهل للطفل أسباب القواعد ويتركون له فرصة للتفكير في النتائج، ما يساعده على الفهم بدلًا من الطاعة العمياء.
أما العواقب المنطقية فهي بديل صحي عن العقاب القاسي؛ فمثلًا، إذا لم يرتب الطفل ألعابه، يُحرم من اللعب بها لبعض الوقت. كذلك، يلعب التعزيز الإيجابي دورًا محوريًا، إذ يُشجع الطفل على تكرار السلوك الجيد من خلال المدح والمكافأة المناسبة، وفقا للخبيرة.
وتابعت أن التعاطف والتفهم لا يقل أهمية عن ذلك، فمحاولة الأهل فهم مشاعر الطفل ودوافعه تساعد على بناء علاقة قائمة على الثقة، وتتيح حلولًا أعمق وأكثر فعالية للسلوكيات السلبية. وبهذا، يصبح الانضباط وسيلة لبناء شخصية متوازنة ومسؤولة، لا مجرد وسيلة للسيطرة أو العقاب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.