البيض عن فشل الوحدة: مركزية صنعاء وأزمة ثقة وإلحاق قسري

أكد عمر البيض، الممثل الخاص لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية، أنه في لحظة مفصلية من تاريخ المنطقة، اختار علي سالم البيض أن يخوض تجربة الوحدة اليمنية في مايو 1990.
وأوضح في منشور على حسابه بمنصة إكس اليوم الأربعاء أنه “لم يكن ذلك القرار مجرد خطوة سياسية، بل كان تعبيرًا عن رؤية قومية عميقة، سعت إلى تجاوز الانقسام العربي السائد، وتطبيق فكرة الوحدة من خلال تجربة ملموسة، لا عبر الخطابات والشعارات”.
وأضاف “كان البيض يحمل مشروعًا يتجاوز اليمن، متطلعًا إلى أن تكون وحدة الشمال والجنوب نواةً لمشروع عربي أكبر، طالما ظل حبيس التنظير في أدبيات القومية العربية منذ منتصف القرن العشرين”.
ولفت إلى أنه “من خلال اليمن، أراد أن يختبر إمكانية تحقيق وحدة عربية تنطلق من الأرض، لا من فوقها”، مشيرا إلى أنه “في قمة بغداد 1990، وبعد أيام من إعلان الوحدة، قال البيض أمام القادة العرب “جربنا الاشتراكية في الجنوب، والرأسمالية في الشمال، فلا هذه بنتنا ولا تلك، وبنينا جيوشًا ضد بعضنا، لا ضد العدو، ولو عدنا إلى النفط، لكان سلاحًا يستخدمه كل منا ضد الآخر”.
ورأى أنه “كانت هذه لحظة نادرة من الصراحة السياسية، أعلن فيها خيبة الأمل من النماذج المستوردة، ودعا إلى مشروع عربي منبثق من الواقع، لا مفروض عليه”، مستدركا “لكن هذه الرؤية اصطدمت سريعًا بتحديات الواقع. فقد ظهرت التصدعات البنيوية في الكيان الموحد، وغابت آليات واضحة لتقاسم السلطة والثروة”.
وتابع “سيطرت النزعة المركزية من صنعاء، مما عمّق أزمة الثقة وأضعف فكرة الشراكة، فتحولت الوحدة من أمل بالاندماج والتكامل، إلى عبء سياسي واقتصادي، انتهى بحرب 1994 وتجدد النزعة الانفصالية”.
واعتبر أن “قيمة هذه التجربة تكمن في أنها لم تكن مجرد محاولة سياسية فاشلة، بل لحظة ديالكتيكية في مسار الوعي القومي العربي”، موضحا “لقد كشفت أن الفكرة القومية، مهما بدت نبيلة، لا يمكن أن تصمد دون عدالة، وشفافية، وشراكة متوازنة”.
وقال إن “رفع شعار الوحدة لا يغني عن بناء الثقة، ولا يُبرّر تجاوز الخصوصيات الوطنية، ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى هذه التجربة كمجرد فشل، بل هي مختبر تاريخي لفهم تعقيدات الفكرة القومية”.
ونبه إلى أن التجربة “بينت أن الدولة الوطنية ليست خصمًا للوحدة، بل أساسها، وأن المشروع العربي، لكي يُكتب له النجاح، يجب أن يُبنى على احترام الفروقات، لا طمسها، وعلى التكامل الطوعي لا الإلحاق القسري”.
واستطرد “لقد كانت تجربة علي سالم البيض، بما فيها من طموح وألم، آخر المحاولات الجادة لإحياء الفكرة القومية من داخل الواقع العربي لا من خارجه، لكنها، في الوقت ذاته، كشفت أن المشروع القومي العربي بصيغته التقليدية قد بلغ نهايته، ولم يعد ممكنًا تجاهل حقيقة أن هذا الخطاب، الذي وُلد في زمن الاستعمار والانقلابات، لم يعد قادرًا على مواكبة تعقيدات الدولة الوطنية الحديثة ولا طموحات شعوبها”.
وقال إن الرهان على القومية العربية كان يجب ألّا يعني تجاوز الدول الوطنية أو إنكار هويتها، بل الانطلاق منها لبناء مشروع عربي أكثر نضجًا، أكثر عدلاً، وأكثر اتصالًا بالشعوب، فكما كشفت التجربة اليمنية حدود الطموح دون مؤسسات حامية، فقد أثبتت أيضًا أن الوحدة لا تُفرض، بل تُبنى”.
ورأى أن التفكير في أي مشروع عربي اليوم لا يمكن أن يستند إلى أوهام التوحيد القسري أو النوستالجيا السياسية، بل ينبغي أن يبدأ من القواعد الواقعية: من احترام التنوع، ومن الاعتراف بأن الدولة الوطنية ليست عقبة، بل ركيزة.
وتساءل: “فهل آن الأوان لنعيد تعريف المشروع العربي من خلال ما هو قابل للبناء، لا من خلال ما هو محكوم بالتخييل؟”.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المشهد العربي , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المشهد العربي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.