الإمارات نموذج استثنائي في الشرق الأوسط لمكافحة التطرف: رؤية شاملة تتجاوز الأمن إلى بناء الوعي الفكري
بينما تتعثر دول كثيرة في مواجهة التطرف من خلال أدوات أمنية قاصرة، عمدت الإمارات إلى تقديم بديل أكثر نضجًا واستدامة، يُعيد صياغة المعركة ضد التطرف باعتبارها معركة فكر ووعي وليست مجرد مواجهة أمنية أو عسكرية. وتحوّلت الدولة الخليجية الصغيرة إلى نقطة ارتكاز في بناء نموذج إقليمي حديث يرسي أسس الاستقرار عبر مداخل ناعمة.
تحول في الفلسفة: من الردع الأمني إلى المبادرة الفكرية
المقاربة الإماراتية لا تنطلق من ردّات فعل طارئة، بل من فلسفة استراتيجية ترى أن مكافحة التطرف تبدأ من فهم جذوره الفكرية والثقافية. وبدلًا من الاكتفاء بملاحقة المتطرفين، تذهب الإمارات إلى تفكيك المنظومات الفكرية التي تحتضن الغلو، عبر مبادرات مثل “مركز هداية” و”صواب”، اللذين أصبحا منارات إقليمية وعالمية في مواجهة الفكر المتشدد والدعاية الرقمية المتطرفة.
إعادة تعريف العلاقة بين الدين والدولة
تميّز النموذج الإماراتي بفهم عميق لدور الدين في المجال العام، بعيدًا عن الاستغلال السياسي والتعبئة الأيديولوجية. فمن خلال ترسيخ هوية دينية معتدلة تُدار عبر مؤسسات رسمية، نجحت الإمارات في تحييد الدين عن الصراعات السياسية، وقدّمت خطابًا دينيًا عصريًا يرتكز على التسامح والانفتاح والعيش المشترك.
كما اتخذت الدولة مواقف حازمة تجاه جماعات الإسلام السياسي، معتبرة أن تجفيف منابع هذا الخطاب التحريضي هو ضرورة لحماية الأمن والاستقرار. وقد ساعد هذا التوجه على خلق بيئة ثقافية جديدة تتسع لخطاب الاعتدال وتنبذ التحريض والانقسام.
*الإعلام والدبلوماسية الرقمية: جبهة مواجهة جديدة
في عالم تُدار فيه المعارك الفكرية عبر المنصات الرقمية، لم تغب الإمارات عن تطوير أدواتها الإعلامية. فالمؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة تعمل ضمن رؤية شاملة توائم بين الرسائل الإعلامية والدبلوماسية الدينية والثقافية للدولة. كما يُعد مركز “صواب” نموذجًا متقدمًا في مكافحة الدعاية المتطرفة على الإنترنت، من خلال خطاب توعوي مؤثر وذكي.
*شراكات تتجاوز الجغرافيا
الإمارات أدركت مبكرًا أن معركتها مع التطرف لا تقتصر على الداخل، بل هي جزء من معركة عالمية. وقد ساعد موقعها الجيوسياسي بين آسيا وأفريقيا، إضافة إلى استقرارها السياسي ونموها الاقتصادي، على لعب دور الوسيط الإقليمي والدولي في مكافحة الفكر المتطرف.
في هذا السياق، نسجت الإمارات شبكة تحالفات إقليمية ودولية، خصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر، واستثمرت في الدبلوماسية العامة، وقدّمت نفسها كشريك موثوق في الحرب على الإرهاب، يجمع بين القوة والاعتدال، بين الحداثة والإرث الثقافي.
تصدير نموذج الإسلام الحضاري: خطاب عابر للأديان
برزت الإمارات خلال السنوات الأخيرة كمنصة دولية للحوار بين الأديان، عبر مبادرات رائدة مثل “وثيقة الأخوة الإنسانية” و”بيت العائلة الإبراهيمية”، إلى جانب استضافة بابا الفاتيكان في زيارة غير مسبوقة إلى منطقة الخليج. هذا الخطاب العابر للأديان يعزز صورة الإمارات كدولة تُقدّم نموذجًا للإسلام الحضاري المتسامح، المتصالح مع الآخر، والبعيد عن النزعات الإقصائية.
شباب المنطقة: الإمارات وجهة الحلم والاستقرار
وليس غريبًا أن تحتل الإمارات موقع الصدارة في وجدان الشباب العربي، إذ أظهرت استطلاعات الرأي السنوية منذ 2008 أنها الوجهة المفضلة لدى الشباب، ليس فقط لفرصها الاقتصادية، بل كنموذج للاستقرار والاعتدال والانفتاح، وهو ما يعكس قوة الإمارات الناعمة في المنطقة.
تحول استراتيجي في بيئة مضطربة
يأتي هذا الدور الإماراتي في وقت يشهد فيه العالم العربي تراجعا لدور دول محورية مثل العراق وسوريا ومصر، ما خلق فراغًا حاولت بعض القوى ملأه عبر تيارات الإسلام السياسي أو جماعات مسلحة. وقد تنبهت الإمارات لهذا الفراغ مبكرًا، وتحركت لبناء جبهة فكرية وأمنية متماسكة عبر تحالفات مع دول مثل مصر والسعودية وفرنسا، لمواجهة الامتدادات الراديكالية عبر المنطقة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.