اخبار وتقارير – تغير المناخ الخطر الصامت الذي يهدد الأرض والجنوب

في عالمٍ يسير بخطى متسارعة نحو الاحترار، لم يعد تغيّر المناخ أزمة بعيدة أو مؤجلة، بل تحوّل إلى تهديد يومي يطول الإنسان والحيوان والنبات، ويمتد من الغابات القطبية إلى السهول الحارّة، ومن المدن الكبرى إلى الأحياء الشعبية.
ومن شواطئ العاصمة عدن التي كانت يومًا ما تنبض بالحياة، إلى جبال ردفان وسهول أبين، يهمس الهواء بشيء لم نعتد سماعه من قبل… حرارة خانقة، مواسم ممزقة، وأرض تتغيّر تحت أقدام أهلها. تغيّر المناخ لم يعد شبحًا بعيدًا يهدد دولًا في أقصى الأرض، بل أصبح واقعًا يوميًا يعيشه الجنوبيون بأنفاسهم، ويرونه في ملامح مدنهم، ويشعرون به في تفاصيل حياتهم.
ففي كل صيف يمر، تحترق عدن بنيرانٍ لا تهدأ، وتلهث الأرواح تحت ثقل الرطوبة، بينما يفرُّ التيار الكهربائي من أزقتها الضيقة تاركًا الناس وحدهم في مواجهة الشمس.

-ما تغيّر المناخ؟ وكيف بدأ؟

تغيّر المناخ هو اضطراب طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس على سطح الأرض. ورغم وجود تغيرات طبيعية سابقة، فإن ما نعيشه اليوم ناجم بالدرجة الأولى عن النشاط البشري منذ الثورة الصناعية، مثل:
حرق الوقود الأحفوري (النفط، الفحم، الغاز)، وإزالة الغابات. وانبعاث الغازات الدفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان). وأنماط الاستهلاك غير المستدامة.
كل هذا أسهم في ارتفاع حرارة الأرض بمقدار يتجاوز 1.1 درجة مئوية، وخلّف سلسلة من التغيرات البيئية التي تطال كل شيء من حولنا.

-التأثيرات العامة لتغير المناخ على البيئة

التغير في المناخ العالمي أدى إلى موجات حر قاسية، تصيب البشر بالإرهاق الحراري وتزيد من معدلات الوفيات. ويؤدي ذوبان القطبين إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار، مما يهدد المدن الساحلية بالغرق، بينما تسبب الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير دمارًا في الممتلكات والبنية التحتية. كما أن تغير أنماط المطر وتراجع الغطاء النباتي يؤديان إلى اتساع الصحاري وخسارة الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى الجفاف والتصحر. وتفقد العديد من الكائنات مواطنها الطبيعية، مما يؤدي إلى انقراضها أو هجرتها، ويحدث خللاً في النظام البيئي.

-عدن تحترق ولا أحد يطفئ النار

لم تكن العاصمة عدن تعرف هذا القدر من القسوة المناخية. قبل أعوام، كانت نسائم البحر تملأ المدينة حياةً وانتعاشًا، لكن اليوم، بات الصيف في العاصمة الجنوبية عنوانًا للإنهاك والتعب، بدرجات حرارة تكاد تلامس الـ50 مئوية، وسط انقطاعات متكررة للكهرباء، وبيوت صفيح لا تملك من وسائل التبريد سوى صبر ساكنيها. المسنون، الأطفال، والمرضى، يدفعون ثمنًا باهظًا لتغيّرٍ مناخي لا يد لهم فيه. الرطوبة تشتد، والحرارة تُذيب الصبر، ولا مفرّ في مدينة يطوّقها البحر، لكنه لا يروي عطشها.

-شتاء بلا أمطار وخراب حين تمطر

وإن هطلت السماء بمائها، فإنها لا تمنح الحياة، بل تأتي على هيئة فيضان مفاجئ، يجرف الطرق، ويغمر الأحياء، ويكشف هشاشة البنية التحتية في العاصمة عدن. قبل سنوات قليلة، غرقت منازل في دار سعد والمنصورة والشيخ عثمان وكريتر، وتهدمت جدران بفعل أمطار لم تجد من يصرفها أو يوجهها، ففعلت ما أرادت بالأحياء الفقيرة. المطر لم يعد نعمة في عدن، بل اختبارًا للبقاء.

-أبين ولحج.. حين تصمت السماء

في سهول أبين الخضراء سابقًا، وأراضي لحج الزراعية، تغيّر المشهد. لم تعد السماء تُمطر كالسابق، والمزارعون باتوا ينتظرون موسم الغيث بلا يقين. الجفاف يزحف على التراب، يقتل الزرع، ويطرد المزارع من أرضه. كثيرون هجروها بحثًا عن عمل في المدن أو خارج الوطن، بعدما خذلتهم الطبيعة وأدارت لهم الحكومات المتعاقبة ظهرها. في الجنوب، تغيّر المناخ يعني جوعًا قادمًا، وحياة ريفية تحتضر بصمت.

-بحر عدن مورد حياة يختنق

لم يسلم البحر أيضًا من هذه الكارثة. حرارة المياه ارتفعت، والشعاب المرجانية بدأت تموت، والأسماك لم تعد تأتي كما كانت. الصيادون في المعلا والتواهي وخور مكسر وصيرة، يشكون من تراجع الكميات وغياب أنواع اعتادوا صيدها، ما أثّر على قوت يومهم، وأدخلهم في دوامة فقر جديدة. إنه خلل بيئي بحري لا يُرى بسهولة، لكنه يهدد حياة أسر بأكملها.

-جنوب هشّ في وجه تغيّر شرس

الجنوب، بموارده المحدودة، ومؤسساته الضعيفة، التي دمرها الاحتلال اليمني منذ صيف 1994م، لا يملك الكثير ليتصدى لهذه الكارثة المناخية. لا خطط إنذار مبكر، ولا مشاريع تصريف مياه، ولا تشجير، ولا حملات توعية بيئية. الناس يواجهون العاصفة بأجسادهم، لا بحلول علمية أو دعم دولي. أما الحكومة، فمشغولة بصراعاتها، بينما الكوكب يتغيّر، والجنوب يُدفع إلى الحافة.

-هل من أمل؟

نعم، الأمل لا يزال ممكنًا، لكنه يحتاج إلى: تخطيط بيئي حضري جديد للعاصمة عدن ومدن الجنوب. واستخدام الطاقة الشمسية لتخفيف العبء الكهربائي. ويجب استعادة الغطاء النباتي في الريف عبر حملات تشجير، وبناء سدود صغيرة وخزانات للمياه لمواجهة الجفاف. كذلك تثقيف المجتمعات المحلية حول كيفية التكيّف مع تغيّر المناخ. وما لم تُؤخذ هذه الخطوات على محمل الجد، فإن القادم سيكون أشد.

-نداء من الجنوب إلى العالم

هذا الجنوب، الذي صمد في وجه الحروب والمؤامرات، يُواجه اليوم حربًا من نوع آخر صامته، لكنها قاتله. اسمها: تغيّر المناخ. وإن لم تُصغِ الحكومات والمنظمات والدول لهذا النداء، فقد نخسر مدينةً مثل العاصمة عدن، وسهولًا مثل أبين، وبحرًا مثل خليج عدن. إنه نداء لا لأجل الجنوب فقط، بل لأجل كوكب نحيا عليه جميعًا.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى