اخبار غزة : حين يصبح الأمل طعاما وحيدا.. غزة تدفع ثمن صمت الضمير العالمي

غزة- معا- في مشهد يُجسد أقسى وجوه المأساة الإنسانية، فارق الرضيع “يوسف” الحياة في أحد مستشفيات قطاع غزة قبل أيام، بعدما عجز جسده الصغير عن مقاومة الجوع. الأطباء لم يستطيعوا إنقاذه، ووالدته جلست تبكيه وهي تردد: “لم يكن لدينا ما نطعمه… سوى الأمل” (بتاريخ 22 يوليو/ تموز (نشرت رويترز) – رُقدت جثة يوسف، الرضيع ذو الأسابيع الستة، هامدة على طاولة مستشفى في مدينة غزة، وجلده ممتد فوق ضلوعه البارزة، وضمادة وُضعت في مكانها محقنة في ذراعه الصغيرة. قال الأطباء إن سبب الوفاة هو الجوع. وكان يوسف من بين ١٥ شخصًا ماتوا جوعًا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في غزة.
التجويع كسلاح حرب: جريمة متكررة عبر التاريخ
استخدام التجويع كسلاح ليس جديداً في النزاعات، بل سُجّل في تاريخ الحروب القديمة والحديثة كأداة لكسر إرادة الشعوب وفرض الاستسلام. من حصار لينينغراد خلال الحرب العالمية الثانية الذي تسبب في مقتل أكثر من مليون إنسان، إلى تجويع المدنيين في البوسنة والهرسك في التسعينات، ثم في سوريا واليمن مؤخراً، اعتبر المجتمع الدولي ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
وفق المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، يُحظر “تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب”، بما في ذلك تدمير أو إتلاف المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، مثل الأغذية والمياه ومرافق الزراعة.
وقد سبق أن أدانت محكمة الجنايات الدولية هذا الأسلوب في عدة قضايا، واعتبرته جريمة حرب عندما يتم تعمّده ضد المدنيين، وهو ما دفع منظمات قانونية إلى المطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة بشأن ما يجري في غزة في هذا السياق.
تصاعد الجوع
وما زالت المنظمات الدولية ترصد حالة الجوع والحصار في قطاع غزة فبحسب آخر تقرير صادر عن (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA – تحديث رقم 307 بتاريخ 23 يوليو/تموز 2025 والمتوفر حاليا باللغة الإنجليزية، فإن أكثر من مليون طفل في غزة باتوا في مرحلة “انعدام الأمن الغذائي الحاد”، ويواجه القطاع خطر المجاعة على نطاق واسع، فيما يعيش 88% من سكانه في مناطق خاضعة لأوامر إخلاء أو نشاط عسكري مباشر.
وإن كان الجوع يحاصر كل سكان قطاع غزة فان الأطفال والحوامل هم اكثر المتضررين من ذلك فمن جهتها، حذّرت منظمة “اليونيسف” من أنّ قرابة 71,000 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم آلاف في حالة “هزال شديد يهدد حياتهم”، إلى جانب أكثر من 17,000 امرأة حامل ومرضع في وضع غذائي خطير.
ووفق وزارة الصحة في غزة، توفي حتى الآن أكثر من 113 شخصاً بسبب الجوع، بينهم 81 طفلاً، مع تسجيل 27 حالة وفاة جديدة خلال 72 ساعة.
ووثق تقرير مصوَّر لوكالة “رويترز” صورًا صادمة لأطفال في حالة هزال تام، بينهم الطفل “مؤيد” البالغ من العمر 14 عامًا، والذي بدت عظامه واضحة في سرير مستشفى الشفاء.
هل بدأ العالم يستفيق
أكثر من 100 منظمة دولية، منها أوكسفام وأطباء بلا حدود، وصفت الوضع بـ”المجاعة المُدبّرة”، مطالبة برفع فوري للحصار ودخول الإغاثة دون شروط.
اما منظمة الصحة العالمية فأكدت أن 90% من السكان لا يجدون ماءً نظيفاً أو طعاماً كافياً، وطالبت بحماية الطواقم الإنسانية.
اما على صعيد الحكومات العالمية فقد بدأ الحرج يتسرب بتصريحات الحلفاء لإسرائيل وعلى رأسهم أمريكا التي حاول الناطقين باسمها تحميل حماس المسؤولية في حين اطر رئيس الوزراء البريطاني لوصف الامر بانه غير مقبول وكان رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز الأكثر جرأه حيث دعا إسرائيل لوقف الحصار الإنساني فوراً، مشيراً إلى أن “استخدام الجوع كسلاح غير مقبول”.
وتردد صدى المجاعة في غزة في اغلب الصحف العالمية وحتى الإسرائيلية حيث وصفت هارتس وزير الخارجية الإسرائيلي باسم وزير المجاعة فيما طالبت صحيفة يديعوت احرنوت ولأول مرة بإيجاد حل للازمة وأما صحيفة “إلباييس” الإسبانية، فنشرت تقريرًا بعنوان “الجوع في غزة يثير موجة غضب عالمي”، اعتبرت فيه ما يحدث وصمة أخلاقية للعالم.
واما الدبلوماسية الإسرائيلية فهي صامتة وتترك التعليقات للوزراء المتطرفين كما صرح الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير اعتبر أن “الضغط على غزة يجب أن يستمر”.
حتى الصحفيون جوعى
وقفت الزميلة فداء حلس اما كمرة معا لتسجيل شهادتها اليومية وتطالب الزميل احمد غباين بالإسراع بالتصوير لأنها لا تتحمل الوقوف طويلا وفي رسالتها الصوتية الصباحية عبر البث الإذاعي المتلفز قالت للزميل عادل غريب:” لم أكل شيء منذ ثلاثة أيام” يذكر ان الزميلة فداء ام لرضيع انجبته خلال الحرب. ولم يكن حال الزميل احمد غباين أحسن فقد توفي والده قبل يومين نتيجة لقلة الغذاء والدواء وكان قد تردد خلال الأسبوع الماضي 5 مرات على مراكز التوزيع حصل لمرة واحدة على معونة لا تكفي عائلته أكثر من يوم واحد.
ووفق تقرير لمجلة “تايم”، فإن عددًا من الصحفيين الفلسطينيين فقدوا من وزنهم ما يزيد عن 15 إلى 60 كغم منذ اندلاع الحرب، ويعانون من ذات المجاعة التي يغطّونها إعلاميًا. الصحفي بشار طَالب قال: “أوثّق الطوابير بينما أبحث أنا أيضًا عن الطعام… هذا الجوع جماعي”.
صرخة
تتوالى ردود الأفعال وأصبحت إسرائيل غير قادرة على تبرير ما تقوم به من مجاعة ورغم ان المؤسسات الدولية تقول ان هناك تكدس للغذاء على المعابر يكفي كل سكان القطاع لثلاثة أشهر ما زالت بعيدة المنال عن اهل القطاع واليوم سمحت إسرائيل بحسب ادعائها بإسقاط المعونات من الجو في الوقت الذي تتوالى فيه القصص المؤلمة، ويتزايد عدد القتلى بصمت في قطاع محاصر.
أمام هذه الصور المروعة، تبقى الأسئلة الأخلاقية مفتوحة ولكن هل بقي اخلاق؟!.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة وكالة معا الإخبارية , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من وكالة معا الإخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.