اخبار سوريا : "ماهر شرف الدين".. من "شريك في النهوض" إلى رأس حربة في التحريض

×
شهد خطاب الكاتب السوري “ماهر شرف الدين”، تحوّلات دراماتيكية خلال الأشهر الماضية، تنقل فيها من مربع الدعم والتأييد للقيادة السورية الجديدة إلى خطاب صدامي ينهل من مفردات التحريض والوعيد، مستغلًا توترات الجنوب السوري – ولا سيما في محافظة السويداء – لتأجيج المواقف وتكريس حالة من القطيعة مع الدولة، في انعطافة أثارت تساؤلات كثيرة حتى في أوساط مناصريه السابقين.
وفي منشور له صفحته في “فيسبوك”، يوم الاثنين 21 تموز/ يوليو، وصف “شرف الدين”، الجيش السوري و”بدو السويداء” بأنهم “غزاة ودواعش وهمج مغول”، مشيرًا إلى أن “النصر على هؤلاء قاب قوسين أو أدنى”، في ما بدا أنه تبنٍّ تام لخطاب الميليشيات المحلية التي ترفض عودة مؤسسات الدولة، وتخوض اشتباكات مسلّحة ضد وحدات من الجيش السوري في بعض قرى المحافظة.
كما توعد القيادة السورية في دمشق بإعادة إدراجها على “قوائم الإرهاب” في حال أخلّت بما وصفه بالاتفاق، قائلاً: “إلى الجالسين في دمشق، إذا أخللتم بالاتفاق هذه المرّة – كما كل مرّة – فستعودون إلى قوائم الإرهاب. وتذكروا كلامي”.
في منشور آخر، تحدث عن إعداد ملف حول “جرائم حرب وإبادة جماعية ارتُكبت في السويداء”، مؤكدًا أن “دمنا ليس رخيصًا” وأنه يعمل على “توثيق” هذه الجرائم، في تلويح واضح باستخدام المسارات الحقوقية والدولية ضد الدولة السورية الجديدة، التي سبق أن امتدحها ووصف رئيسها بـ”رجل دولة يحترم الكلمة والموقف”.
لقاءات ومجاملات.. ثم انقلاب مفاجئ
ماهر شرف الدين كان قد أبدى في الأشهر الماضية تأييدًا واضحًا للنهج الجديد في الدولة السورية، ونشر في آذار/ مارس الماضي تفاصيل لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، مشيدًا بشخصيته وحديثه الوجداني، قائلاً: “استعمل الريموت كونترول لفتح الستائر وقال لي: أظن بأنك ترغب برؤية دمشق من هنا. كان المنظر مذهلاً… فقلت له: بعد هذا الكلام، لم تعد هذه النافذة تُريني دمشق، بل تُريني جزءاً من المستقبل”.
وأشار في اللقاء إلى ضرورة إشراك أبناء السويداء في بناء الدولة الجديدة، معتبرًا أن “الصحيح ليس أن نُدخل الدولة إلى السويداء، بل أن نُدخل السويداء إلى الدولة”، وهو ما عدّه مراقبون حينها تمهيدًا لدور سياسي أو وظيفي جديد له ضمن الهياكل المستحدثة في الدولة.
كما نقل عن “الشرع” اهتمامه الخاص بأبناء السويداء، واستعداده لفتح معبر مع الأردن عبر المحافظة، تلبية لمطلب شرف الدين، وحرصًا على تحقيق إنعاش اقتصادي لمنطقة عانت من التهميش في العهود السابقة.
لكن ما لبثت تلك اللغة الإيجابية أن انقلبت، لتتحول إلى تهديدات صريحة باستخدام ملفات قانونية، وتحريض على المواجهة، وتبجيل علني لزعماء ميليشيات مسلحة، كما في منشوره الذي نشر فيه صورة تجمعه بالشيخ حكمت الهجري، زعيم ميليشيا مسلحة تقاتل الجيش السوري، واصفًا إياه بـ”قائد النصر”.
مقاطع وتسجيلات.. تصعيد إعلامي ممنهج
في 24 كانون الأول 2024، نشر ماهر شرف الدين حلقة مصورة عبر برنامجه “مواكبات”، خصّصها للهجوم على الرئيس أحمد الشرع والنهج الجديد للدولة، متهمًا إياها بـ”الفشل في الالتزام بالاتفاقات”، دون تقديم أدلة، وهو ما اعتُبر بداية واضحة لانتقاله إلى موقع المعارض الصريح لاختيارات الشعب السوري بعد سقوط النظام البائد.
وفي مقاطع أخرى، حاول شرف الدين رسم صورة قاتمة عن جهود الدولة في احتواء ملف الجنوب، محذرًا من تحول الملف إلى “أداة للتدخل الخارجي”، وهو ما رآه مراقبون نوعًا من تبرير التدويل والتمهيد له، عبر خطاب يتقاطع مع دعوات قوى غربية للتدخل في الشأن السوري.
تساؤلات حول دوافع التحول
التحول السريع في موقف “ماهر شرف الدين” أثار علامات استفهام كبيرة، لا سيما وأنه كان من أوائل من امتدحوا القيادة الجديدة عقب التغيير السياسي الكبير في البلاد، بل وعبّر عن فخره بلقاء الرئيس، ووصفه بأنه مختلف كليًا عن سلفه “بشار الأسد”، ودعا مرارا إلى دعم الدولة السورية لتثبيت الأمن وتعزيز الوحدة الوطنية.
البعض يرى أن شرف الدين يحاول إعادة إنتاج دوره كـ”معارض إعلامي” بعد شعوره بأن مساحته في الدولة الجديدة لم تكن بحجم توقعاته، فيما يربط آخرون تحوّله بالتصعيد الأخير في السويداء وسعيه لتكريس نفسه ناطقًا باسم المنطقة وزعيمًا لرأي عام محلي، إضافة إلى تغليب الانتماء الطائفي على الوطنية الجامعة.
ويذكر أن الخطاب الذي يتبناه ماهر شرف الدين يشكل خروجًا عن كل ما سبق أن أعلنه سابقًا، ويضعه في موقع المتصادم لا مع القيادة السياسية فحسب، بل مع خيارات الأغلبية التي وضعت سوريا على سكة التعافي، بعد سنوات من الحرب والانقسام والانهيار.
وفيما تسعى الدولة السورية إلى طيّ صفحة الحرب، والانتقال إلى مرحلة بناء سياسي واقتصادي وأمني، يصرّ البعض على إعادة إنتاج مناخات الفوضى عبر الشحن الطائفي، والتلويح بالقوائم السوداء، والتشكيك في مؤسسات الدولة التي ما زالت تحظى بإجماع وطني وإقليمي واسع.
في مشهد يعيد التذكير بتكتيكات الحرب النفسية والمعلوماتية، شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية تصاعدًا لافتًا في حملات تحريض ممنهجة ضد الدولة السورية، قادتها حسابات أنشئت مؤخرًا، بعضها بأسماء مستعارة وأخرى تروّج لانتماءات مناطقية وطائفية، وانضمت إليها لاحقًا شخصيات معروفة بارتباطاتها ومواقفها المبنية على أسس طائفية وقومية ضيقة.
من “التضامن المزعوم” إلى التحريض المكشوف
هذه الحسابات التي روّجت في ظاهرها لمحتوى يدّعي “التضامن مع الأقلية الدرزية” في محافظة السويداء، كشفت سريعًا عن وجهها الحقيقي، إذ لم تلبث أن تحوّلت إلى منصّات لبث خطاب طائفي وتحريضي يكرّس الانقسام المجتمعي، ويشوّه مؤسسات الدولة، ويدعو بشكل ضمني أو صريح للانفصال وتحرض ضد الحكومة السورية.
وتُظهر مراجعة دقيقة لمنشورات تلك الحسابات أن المحتوى المنشور فيها لا يمتّ بصلة لحقوق الأقليات أو السلم الأهلي، بل يستند إلى روايات مختلقة، ويعتمد على التلاعب بالعواطف وتصوير الوقائع بما يخدم سردية معادية للدولة، وهو ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي والتماسك الوطني.
من التحريض على البدو إلى استهداف الجيش
تتبعت شبكة شام الإخبارية مسار هذه الحملات منذ لحظاتها الأولى، حيث بدأت شرارتها بالتحريض ضد عشائر البدو في محافظة السويداء، على خلفية الاشتباكات التي وقعت مع مجموعات مسلحة محلية وسرعان ما تحوّل الخطاب من التحريض القبلي إلى استهداف مباشر للجيش السوري ومؤسسات الدولة، لاسيما مع تدخل القوات المسلحة لفض النزاع وبسط الأمن.
وفي تلك المرحلة، لوحظ اعتماد هذه الحسابات على مقاطع فيديو مفبركة، وصور قديمة، وروايات مختلقة جرى تناقلها في المجموعات المغلقة وتطبيقات المراسلة، ثم جرى تعميمها على أوسع نطاق باستخدام وسوم تستهدف الجيش والدولة بشكل مباشر.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة شام الإخبارية , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من موقع شام الإخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.