اخبار سوريا : "فضل عبد الغني" يحذّر: التأخير في العدالة يفتح الباب لانتقام اجتماعي وفوضى مقبلة

×
قال فضل عبد الغني، مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في مقال نشرته صحيفة الثورة، إن غياب مسار جاد للعدالة الانتقالية في سوريا قد يفرض على الضحايا نمطاً يومياً قاسياً من التعايش القسري مع الجناة، سواء في الحي ذاته أو حتى ضمن المؤسسة نفسها، الأمر الذي يهدد بإعادة إنتاج العنف ويقوض فرص بناء دولة عادلة.
وأوضح عبد الغني أن عدم وجود آليات فعالة لكشف الحقيقة والمحاسبة يسمح لمرتكبي الانتهاكات بمواصلة حياتهم في المجال العام بلا مساءلة، ما يعمّق مشاعر الظلم لدى الضحايا ويُرسّخ ثقافة الإفلات من العقاب. ويضيف أن هذا الواقع يُضعف ثقة المجتمع بالقضاء ويخلق مناخاً قد يدفع بعض المتضررين إلى “العدالة الشعبية” أو الانتقام الفردي، بما يحوّل العنف السياسي إلى عنفٍ اجتماعي مستمر يهدد المصالحة والاستقرار.
وأشار إلى أن أخطر ما قد يواجه سوريا هو تطبيع حضور الجناة في المجال العام، بحيث يصبح مألوفاً مع مرور الوقت، ما يشكل خطراً بنيوياً يهدد إمكان بناء هوية وطنية وذاكرة جمعية مستقرة.
فجوة توثيقية واسعة بين عدد الضحايا وعدد الجناة
وبحسب عبد الغني، تكشف قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن وجود نحو 16200 جانٍ معروف بالاسم، مقابل مئات الآلاف من الضحايا، مؤكداً أن معظم الانتهاكات في سوريا كان منظماً وممنهجاً، نفذته أجهزة أمنية وعسكرية تعمل بتسلسل قيادي صارم، ما يجعل توثيق الضحايا أسهل من توثيق المسؤولية الفردية لمن أصدر الأوامر أو نفذها.
ويبيّن أن الوصول إلى الجناة عملية معقدة تتطلب تراكم الأدلة وتحليلها وفق معايير قانونية دقيقة، في ظل انعدام الشفافية وإخفاء الأرشيف الرسمي وترويع الشهود وتلاعب الأجهزة السابقة بالسجلات، ما يجعل العدد الحقيقي للجناة أكبر بكثير مما جرى توثيقه.
تحديد المسؤوليات وإعادة بناء الثقة
ويرى عبد الغني أن التعامل مع مئات الآلاف من عناصر الجيش والأمن الذين خدموا خلال سنوات الحرب يحتاج إلى مقاربة دقيقة تميّز بين مستويات المسؤولية؛ فالمطلوب محاسبة صناع القرار ومن أصدروا الأوامر أو خططوا للانتهاكات واستبعادهم من مؤسسات الدولة الجديدة، في حين أن المنفذين الذين عملوا تحت ضغط أو إكراه يحتاجون إلى آليات فرز أكثر تعقيداً تراعي المسؤولية الفردية وإمكانات إعادة إدماجهم ضمن مؤسسات تخضع لإصلاح رقابي وقضائي صارم.
ويشدد على أن ثقة المجتمع لا يمكن أن تُبنى قبل عزل كل من ثبت تورطه في الانتهاكات الكبرى، دون شيطنة جماعية لكل من ارتدى الزي العسكري.
خطورة تأخير العدالة الانتقالية
ويحذّر عبد الغني من أن تأخير إطلاق مسار العدالة الانتقالية يزيد من رسوخ الإفلات من العقاب واتساع الهوة بين الضحايا ومؤسسات الدولة الناشئة، وقد يحوّل العدالة إلى شعارات رمزية تُستخدم لإضفاء شرعية شكلية على السلطة دون تغيير جوهري في البُنى التي أنتجت الجرائم.
لذلك، يعتبر أن تفعيل آليات العدالة الانتقالية — تشريعياً ومؤسسياً — ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل، وأن شرعية الدولة الجديدة مرهونة بفتح ملفات الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
مقاربة ثلاثية لكشف الجناة غير الموثقين
ويقترح عبد الغني استراتيجية مركّبة تعتمد على ثلاث دوائر متكاملة:
المساءلة المجتمعية: استقبال الشكاوى، عقد جلسات استماع آمنة، وتمكين المجتمعات المحلية من تسمية الفاعلين في ظل منظومة حماية للشهود.
هيئات وطنية مستقلة: قادرة على إجراء تحقيقات تحليلية وربط بيانات المنظمات الحقوقية بالأرشيف الرسمي المتاح.
أدوات دولية مساندة: تشمل الآليات الأممية وصور الأقمار الصناعية والسجلات الطبية وأرشيفات مفتوحة، إضافة إلى دور الإعلام الاستقصائي وقاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ويؤكد أن العدالة الانتقالية ليست مجرد محاكمات أو إجراءات عزل، بل عملية مجتمعية عميقة تعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين الضحايا والجناة، وتبني ذاكرة وطنية تحمي المستقبل من تكرار الماضي.
ويختتم عبد الغني بالتحذير من أن تجاهل هذه الملفات — من التعايش القسري بين الضحية والجاني، إلى فجوة التوثيق، وتعقيدات المؤسسة العسكرية، وتأخير إطلاق المسار العدلي — يجعل التجربة السورية مهددة بإعادة إنتاج الأنماط الاستبدادية ذاتها التي ثار عليها السوريون قبل أربعة عشر عاماً.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة شام الإخبارية , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من موقع شام الإخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.








