اخبار سوريا : زيارة

×
في خطوة وُصفت بأنها تاريخية، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الأميركية واشنطن، ليصبح أول رئيس سوري يزور الولايات المتحدة منذ ما يقارب ستة عقود، تأتي الزيارة في توقيت بالغ الحساسية داخلياً وإقليمياً ودولياً، إذ تتزامن مع انعقاد الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ومع مساعٍ حثيثة لإعادة إدماج سوريا في النظام الدولي بعد سنوات الحرب والعزلة والعقوبات.
رمزية الزيارة ودلالاتها السياسية
تشكل هذه الزيارة حدثاً مفصلياً في السياسة الخارجية السورية، فهي أول حضور رسمي على هذا المستوى منذ مشاركة الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي في اجتماعات الأمم المتحدة عام 1967.
بهذا الحضور، تسعى دمشق إلى تثبيت صورة سوريا الجديدة كدولة ذات قيادة شرعية، تتطلع إلى الانخراط البنّاء في القضايا الإقليمية والدولية بعيداً عن إرث النظام البائد، كما تمنح الزيارة فرصة لخطاب مباشر أمام قادة وزعماء العالم، يعرض فيه الشرع رؤيته لمرحلة ما بعد الحرب، وموقع سوريا في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي.
ملفات اقتصادية وأمنية على طاولة البحث
تكتسب الزيارة أهمية خاصة في ضوء النقاش الجاري في الكونغرس الأميركي بشأن رفع العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، فقد نجح المجلس السوري الأميركي في التوصل إلى تسوية سياسية مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي تتيح تعليق العقوبات تدريجياً إذا التزمت الحكومة السورية بحزمة من الشروط الصارمة، تتعلق بمحاربة الإرهاب، وحماية حقوق الأقليات، والامتناع عن الأعمال العسكرية ضد الجوار، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن الأجهزة الأمنية.
ويتيح وجود الشرع في واشنطن له الدفع بهذا المسار، والتواصل المباشر مع صانعي القرار الأميركي لتسريع رفع القيود التي كبّلت الاقتصاد السوري لسنوات.
في المقابل، تحمل الزيارة أبعاداً أمنية واضحة، إذ تفتح الباب أمام بحث تفاهمات حول الأمن الحدودي والتعاون في مكافحة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، وهو ملف لا يزال يحتل أولوية في الأجندة الأميركية.
اللقاء المرتقب مع الرئيس ترامب
من أبرز محاور الزيارة اللقاء المقرر بين الرئيس أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. اللقاء – إن عُقد كما هو متوقع – سيكون الأول من نوعه على هذا المستوى منذ عقود، وقد يتحول إلى منصة لفتح صفحة جديدة بين دمشق وواشنطن.
يرجّح مراقبون أن يتناول الاجتماع ثلاثة ملفات أساسية أوالها رفع العقوبات وإعادة دمج الاقتصاد السوري عبر تفاهمات تدريجية مرتبطة بخطة إصلاحات سياسية وأمنية واضحة، والثاني “الأمن الإقليمي”، وخاصة ضبط الحدود السورية – العراقية والتركية، والتعاون في مواجهة فلول تنظيم داعش.
أما الثالث فهي “التسوية مع إسرائيل”، حيث تضغط الإدارة الأميركية لتقليص الفجوة في المفاوضات غير المباشرة حول اتفاق أمني حدودي جديد يعيد العمل باتفاقية 1974 مع تطويرها.
نجاح هذا اللقاء في إرساء تفاهمات مبدئية سيعطي إشارة قوية للمجتمع الدولي بأن صفحة جديدة تُكتب في العلاقات السورية – الأميركية، وأن دمشق باتت مستعدة للانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة الشراكة.
الفرص والتحديات أمام سوريا الجديدة
تمثل هذه الزيارة فرصة نادرة لسوريا لتقديم نفسها كدولة شريكة لا كدولة أزمة، فهي قد تفتح الطريق أمام تدفق الاستثمارات والمساعدات الدولية، وتُعيد رسم علاقاتها مع القوى الكبرى على أساس المصالح المشتركة لا المواجهة، كما يمكن أن تشجع على عودة اللاجئين إذا ترافقت مع خطوات ملموسة لتحسين بيئة الاستقرار والحقوق والحريات داخل البلاد.
لكن التحديات لا تقل وزناً عن الفرص. فالمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، سيطالب دمشق بإثبات التزامها الفعلي بالإصلاحات السياسية والعدالة الانتقالية ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، كما أن ملف العلاقات مع إسرائيل والوجود العسكري الأجنبي في سوريا يظل أحد أكثر القضايا حساسية على طاولة أي تفاوض.
قراءة في المستقبل
يرى مراقبون أن نجاح زيارة الشرع إلى الولايات المتحدة سيتوقف على قدرته على تقديم رسائل عملية لا رمزية فقط، وعلى استعداد الطرفين – السوري والأميركي – لترجمة التصريحات إلى تفاهمات تنفيذية ملموسة، وإذا ما تحقق ذلك، فإن هذه الزيارة قد تشكل بداية مسار جديد يعيد سوريا إلى موقع فاعل في النظام الدولي، ويضع أسس شراكات اقتصادية وأمنية تمكّن البلاد من النهوض من آثار الحرب.
زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن هي اختبار لإرادة سوريا الجديدة في طي صفحة الماضي، وفرصة لإعادة بناء الجسور مع الولايات المتحدة والعالم، ونجاحها سيعني انطلاقة حقيقية لمرحلة إعادة الإعمار والتكامل الدولي، أما فشلها فسيُبقي سوريا في دائرة العزلة ويؤجل حلم السوريين بدولة مستقرة مزدهرة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة شام الإخبارية , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من موقع شام الإخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.