اخبار سوريا : تبرير الإبادة.. الوجه الخفي للجريمة الأخلاقية في الوعي السوري المعاصر

×
تحوّل الجدل حول الموقف من جرائم نظام الأسد البائد إلى اختبار حقيقي للوعي الأخلاقي في المجتمع السوري، بعد أن باتت بعض الأصوات تحاول إعادة تبرير ما ارتُكب من مجازر بحق المدنيين تحت عناوين متعددة، منها الواقعية السياسية أو الدفاع عن الدولة أو حتى حرية التعبير.
وفي هذا السياق، جاءت تعليقات عدد من النشطاء والحقوقيين السوريين، لتعيد فتح النقاش على أسس فكرية وأخلاقية عميقة، حول معنى العدالة، وحدود التعبير، ودور المثقف في مواجهة ثقافة التبرير والتواطؤ.
يرى الصحفي “ماجد عبد النور” أن الجرائم الكبرى لا تقتصر على من ضغط الزناد أو أعطى الأمر بالقصف، بل تمتد إلى أولئك الذين يبررون الجريمة أو يشرّعونها خطابياً، في محاولة لغسل الوعي الجمعي وتطبيع القبح السياسي.
هؤلاء – برأيه – شركاء فعليون في استمرار العنف، لأنهم يضفون عليه غطاءً لغوياً وأخلاقياً يجعل من القاتل بطلاً ومن الضحية مشروع خائن، ومن هنا، تصبح معركة الوعي أكثر أهمية من معركة السلاح، إذ إن الدفاع عن المجرمين أو التلاعب بالخطاب حولهم يُنتج بيئة جديدة من التبلد الأخلاقي، ويمهّد لجرائم أخرى تحت المبررات ذاتها.
يؤكد عبد النور أن العزل الثقافي والاجتماعي والسياسي لكل من دافع عن القتلة أو شمت بالضحايا هو واجب أخلاقي قبل أن يكون إجراءً سياسياً، فحتى وإن تأخرت العدالة الجنائية أو تعذّر تحقيقها لأسباب دولية أو سياسية، فإن المجتمع قادر على فرض نوع من العدالة المعنوية، عبر فضح الخطاب المجرّم وعزله عن المجال العام.
ويذهب بعض الباحثين في علم الاجتماع السياسي إلى أن هذا النوع من العزل يسهم في حماية الذاكرة الجمعية من التلوث، ويحول دون إعادة تدوير رموز الاستبداد بأقنعة جديدة.
تطرح مواقف عبد النور تساؤلاً حاداً حول دور المثقف السوري في مرحلة ما بعد الحرب، فهل يكتفي المثقف بالمراقبة الباردة بحجة الحياد، أم ينحاز إلى الضحايا بوصفهم التعبير الأصدق عن الكرامة الإنسانية؟
يشير عبد النور إلى أن “بعض من يبررون جرائم القتل يفعلون ذلك تحت غطاء الفكر أو النقد الثقافي أو الواقعية السياسية”، وهو ما يراه انحرافاً خطيراً في وظيفة الكلمة. فـ”مجرمو الكلمة”، كما يسميهم، أخطر من منفذي الأوامر، لأنهم يمنحون العنف مبرراته الفكرية ويعيدون إنتاج أيديولوجيا الطغيان في قالب معرفي مخادع.
في المقابل، يشير عبد النور إلى مفارقة لافتة، إذ يرى أن البسطاء من الناس، غير المنخرطين في النخبة الثقافية، يمتلكون بوصلة أخلاقية أكثر صفاءً**. فالرجل الأمي الذي لم يقرأ كتاباً لكنه عرف الحق فوقف عنده، هو في نظره أرفع مرتبة من مثقف خان ضميره باسم الفلسفة أو الواقعية.
هذا التوصيف يعبّر عن أزمة النخبة السورية التي فشلت – إلى حد بعيد – في صياغة خطاب وطني أخلاقي واضح تجاه الجرائم الكبرى، وانقسمت بين من يبرر ومن يصمت ومن يخشى المواجهة.
تُظهر هذه المواقف أن المعركة مع إرث نظام الأسد البائد ليست قانونية فقط، بل معركة وعي طويلة تتطلب نقداً جذرياً لخطاب التبرير والتطبيع مع الجريمة فالمطلوب اليوم ليس محو الذاكرة بل تفكيكها، ليس الانتقام بل الفهم، وليس إلغاء المختلف بل كشف منطقه وأدواته في تضليل الناس.
وفي السياق، حذّر الصحفي السوري ماجد عبد النور، من استمرار بعض الكتّاب والمثقفين والفنانين الذين دعموا نظام الأسد البائد في الظهور الإعلامي والمشاركة في النقاشات العامة دون أي إحساس بالذنب أو تقديم اعتذار عن دورهم في الترويج لجرائم الحرب والإبادة التي ارتكبها النظام ضد الشعب السوري.
وقال عبد النور إن تبرير جرائم الإبادة الأسدية أو الدعوة إلى القتل والتشفي بالضحايا هي “جرائم بشعة لا تقل قذارةً عن الفعل نفسه”، مستغرباً كيف يمكن للبعض أن يضعها في خانة حرية التعبير. وأضاف أن “العدالة قد تؤجل محاسبتهم لأسباب سياسية أو واقعية، لكن واجب المجتمع هو عزلهم ثقافياً واجتماعياً وسياسياً”.
وأشار عبد النور إلى أن هؤلاء المثقفين والفنانين يعيشون في “عالم خاص منفصل عن الفطرة الإنسانية”، بعد أن فقدوا أدنى درجات الحياء أو الشعور بالمسؤولية تجاه معاناة الضحايا. واعتبر أن استمرارهم في الظهور العلني والحديث باسم الثقافة والفن “يشكّل استفزازاً فاضحاً لمشاعر السوريين الذين عانوا من جرائم النظام”.
وشدد عبد النور على أن خطر هؤلاء يفوق خطر المجرمين الذين حملوا السلاح، لأن تأثيرهم الثقافي والفكري يمتد إلى شرائح أوسع من المجتمع، ويغذي خطاب الكراهية والانقسام، مضيفاً أن “كلما خبت نار الغضب لدى الضحية، أعاد هؤلاء إشعالها بأقوالهم ووقاحتهم”.
وختم الصحفي السوري بالقول إن “المثقف الحقيقي هو من يقف مع الضحية لا مع الجلاد، ومن يواجه الظلم لا يبرره”، مؤكداً أن إعادة بناء سوريا الجديدة تقتضي مساءلة رموز الخطاب الثقافي والإعلامي الذين برروا القتل وساهموا في تثبيت الاستبداد لعقود.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة شام الإخبارية , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من موقع شام الإخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.