اخبار اليمن | عدن تغرق في موجة قاتلة من الحميات.. وغياب حكومي يزيد المأساة

في الوقت الذي ينشغل فيه المسؤولون بالصراعات السياسية وتقاسم المناصب والنفوذ، تعيش مدينة عدن على وقع كارثة صحية صامتة بدأت تحصد الأرواح بلا هوادة، وسط تجاهل تام من قبل الجهات المختصة، وتخاذل مخزٍ من الحكومة ومكتب الصحة والسكان.
موجة متصاعدة من الحُمّيات
منذ أسابيع، بدأت المستشفيات والمراكز الطبية في العاصمة المؤقتة عدن تسجّل تزايدًا مقلقًا في حالات الإصابة بالحُمّيات المختلفة، كحمى الضنك والملاريا والتيفوئيد، إلى جانب حالات حمى غير معروفة الأسباب. ووفق إفادات طبية، فإن المستشفيات العامة تعجُّ بالمصابين، فيما تفترش عشرات الحالات ممرات الطوارئ، دون وجود أسرة كافية، أو أدوية مناسبة، أو حتى فرق طبية مؤهلة للتعامل مع الأزمة.
تقول مصادر طبية من مستشفى الجمهورية بعدن إن قسم الطوارئ يستقبل يوميًا ما يزيد عن 150 حالة مشتبه إصابتها بحمى، ويُضطر بعض المرضى إلى العودة لمنازلهم دون فحص أو علاج بسبب الزحام وانعدام الإمكانيات.
وفيات يومية في صمت
وتؤكد تقارير غير رسمية أن المدينة سجلت في الأيام الماضية أكثر من 50 حالة وفاة مرتبطة بالحُمّيات، بينهم أطفال ونساء. كما أفادت مصادر طبية خاصة لـ”عدن الغد” أن يوم الخميس وحده شهد أكثر من خمس حالات وفاة في مناطق متفرقة من المدينة، ما يشير إلى أن الأزمة تخرج تدريجيًا عن السيطرة.
اللافت أن الجهات الرسمية لم تصدر أي بيان يوضح حجم الكارثة، أو يكشف خطة لمواجهة هذا الوباء الصامت الذي بات يتفشّى في كل مديريات عدن، من دار سعد إلى المعلا وخور مكسر والشيخ عثمان والبريقة والمنصورة.
أسباب الوباء: البيئة وسوء الإدارة
يشير أطباء وصيادلة ومراقبون إلى أن تفشي الحميات في عدن سببه المباشر سوء البنية التحتية للمدينة، وتراكم المياه الراكدة في الأحياء، وغياب حملات الرش الضبابي والمبيد الحشري، وافتقار السكان للتوعية الصحية، في ظل تدهور الكهرباء التي تدفع المواطنين لفتح النوافذ والأبواب طوال الليل، ما يعرّضهم لقرصات البعوض الناقل.
ويؤكد أطباء أن “كل المؤشرات كانت تنذر بكارثة وشيكة منذ بداية الصيف، لكن الجهات الصحية لم تحرّك ساكنًا”. ويضيف أحد الأطباء العاملين في مركز صحي بخور مكسر: “كأننا نعيش في مدينة بلا حكومة، لا توجد أي خطة وقائية، ولا توعية مجتمعية، ولا حتى حملات استجابة طارئة. ننتظر أن يموت الناس ثم نتحرّك”.
التحرك الحكومي: غائب أو خجول
لم تُسجل خلال الفترة الماضية أي زيارة لمسؤول حكومي كبير إلى المستشفيات أو المراكز الصحية في عدن، كما لم يُعلن مكتب الصحة عن أي خطة طوارئ، أو طلب استغاثة رسمي للمنظمات الدولية، في ظل صمت مطبق يثير التساؤلات والغضب في صفوف المواطنين.
ويتساءل سكان المدينة: أين وزارة الصحة؟ أين لجنة الطوارئ؟ أين من يزعمون تمثيل عدن في السلطة؟ ولماذا لا تُخصّص ميزانيات طارئة؟ في حين تُصرف الملايين على مؤتمرات شكلية ومهرجانات لا تسمن ولا تغني من جوع؟
المنظمات الدولية.. غياب ملحوظ
من اللافت أن المنظمات الصحية العاملة في اليمن، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة أطباء بلا حدود (MSF)، لم تُسجل استجابة واسعة حتى الآن، ولم تطلق أي حملة دعم طارئة أو تدخل عاجل رغم تفاقم الوضع. ويُعزى هذا التراجع إلى غياب التنسيق الرسمي من الجهات المحلية، وعدم وجود شراكة مؤسسية فاعلة تُمكّن من بناء استجابة حقيقية.
أصوات من الميدان: “نموت بصمت”
تقول أم محمد، وهي أم لثلاثة أطفال، فقدت اثنين منهم خلال أسبوع واحد نتيجة الحمى: “ذهبت بهم إلى أكثر من مستشفى، رفضونا لعدم وجود أماكن. اشتريت الأدوية من السوق السوداء بأسعار باهظة، وفي النهاية ماتوا بين يدي دون حتى تشخيص”.
أما المواطن علي سعيد، فيقول: “هذه حكومة ميتة، لا تهتم بشيء، نحمل أنفسنا ونبحث عن أطباء وعيادات خاصة، ندفع كل ما نملك لنعيش.. لم يعد أحد يسمعنا أو يهتم”.
الختام: كارثة تنتظر الرد
أمام هذا المشهد المأساوي، لا خيار أمام السلطات الصحية والحكومة سوى التحرّك السريع، ووضع خطة استجابة شاملة عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تتوسع رقعة الموت الصامت إلى خارج عدن، وتتحول الحُمّيات إلى وباء يخرج عن السيطرة.
إن بقاء السلطات في حالة إنكار أو لا مبالاة، لن يُنتج سوى المزيد من الأرواح المهدورة، والمآسي التي ستُضاف إلى سجل طويل من الإخفاقات والفشل الإداري والإنساني.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.