اخبار اليمن | جزيرة كمران.. محجر صحي للحجاج يكافح الأوبئة والأمراض

المشهد في جزيرة كمران شمال شرقي باب المندب. بواخر الحجاج تصل بانتظام، وتتوقف لأيام، يخضع خلالها الحجاج على متنها إلى فحص طبي للتأكد من سلامتهم من الأوبئة والأمراض، قبل التوجه إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج.

سجل الطبيب الفرنسي آناكرييون ستاماتياديس عام 1902 مشاهد اجتماعية وطبية من الجزيرة، حين عُين عضواً في البعثة الطبية المرسلة إلى المحجر الصحي «كمران»، الذي أقيم في هذه الجزيرة للحجاج القادمين من آسيا نحو مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وعن الأمراض المنتشرة والمعدية وعلى رأسها الكوليرا وغيرها، ووصفاً وافياً عن المحجر وما فيه من مبانٍ وإجراءات وخدمات وطواقم إدارية وفنية وأمنية.

‏أصدرت دارة الملك عبد العزيز حديثاً، الترجمة العربية لكتاب «كمران»، الذي يوثّق تجربة الحجر الصحي للحجاج في جزيرة كمران عام 1902، ويكشف فيه عن التحديات الصحية التي صاحبت موسم الحج قبل ضم الملك عبد العزيز للحجاز.

يصف الطبيب ستاماتياديس مشهد وصول بواخر الحجاج إلى كمران، ويقول: «هو دائماً حدث، حركة نشيطة رائعة تسيطر على القرية، صيادون، وبقالون، وخبازون، وحراس، وكل شيء في حركة».

وفي «جناح العزلة الأصفر» الذي يرتفع على رصيف مقر مكتب الصحة، ينتظر منسوبوه وصول البواخر، بحيث لا يتم الإرساء أمام القسم الذي سينزل عنده الركاب نهائيّاً إلا بعد فحص المراكب.

وبمجرد أن تلقى مرساة الباخرة في قاع البحر، يخرج القبطان مصحوباً بطبيب الباخرة، على زورق يوصله إلى أمام الجناح الأصفر، من أجل الخضوع للاستجواب.

ويتم تسليم الشهادة الصحية، ودفتر يوميات الطبيب، وشهادات الوفيات المفاجئة على المركب في أثناء الرحلة، وكل الأوراق الضرورية، إلى أحد قياديي الحراس بواسطة ملقط طويل، تُخضع في أول الأمر للتعقيم البخاري في ردهة الاستقبال، وتوضع بعد ذلك بين أيدي المفتش الذي يفحصها بدقة، ثم يُصدر الأمر – حسب عدد الحجاج – إلى القبطان بنقل الباخرة أمام هذا القسم أو ذاك من الدرجة الأولى أو الثانية.

وفي الوقت نفسه، يُرسَل حارسان اثنان إلى المركب، حيث يجب أن يستمرا في البقاء فيه من أجل ضمان عدم إجرائه أي اتصال بينه وبين الخارج، وذلك طول مدة استمرار الحجر الصحي.

ويكلف خلال ذلك بعض الحراس بتوزيع الماء، ويكلف آخرون بمراقبة مستشفى الأمراض المعدية ومستوصف القسم، مع توفر عدد كافٍ من النساء الحارسات يعنين بالحاجّات.

وبمجرد وصول الحجاج إلى رصيف الميناء يقوم حراس مجهزون بعربات بنقل ملابسهم وأمتعتهم وأدواتهم المنزلية إلى القاعة الكبيرة في المحجر، وهناك يجري الفرز ويؤخذ إلى المحمّ (وهو مكان الاستحمام)، كل من يحتمل أنه مريض بداء معدٍ، فيما يخضع الباقون للرشّ الشديد بمحلول قوي مضاد للعفونة فقط، وكذلك الأمر بالنسبة للمواد الجلدية والمدبوغة والمطاطية.

وخلال أيام الحجر، تستمر متابعة الحجاج في محاجرهم الصحية، للتيقن من خلوهم من الأوبئة والأمراض، وبقدوم اليوم الأخير من الحجر الصحي يُستعرض كل الحجاج لآخر مرة، قبل أن يسمح لهم بالصعود إلى المراكب مرافقين بالأمنيات برحلة موفقة وحجّ مبرور.

واختيرت كمران، التي تقع في الشمال الشرقي وعلى مسافة (180) ميلاً بحريّاً من مضيق باب المندب، إلى (45) ميلاً؛ أي 84 كيلومتراً من الحديدة، بسبب موقعها الجغرافي، ومينائها، مكاناً لإقامة محجر كبير في البحر الأحمر، حيث تجري عملية الاستقصاء لحجاج مكة، لتصفية أو تحديد من يجب عزلهم منهم، حسب المراقبة الدقيقة لهم.

ويستمر عمل المحجر بشكل مكثف، مدة ستة أشهر، وهي المدة التي يأتي خلالها الحجاج من بلدان آسيا، حيث يتم تصفية أو تحديد من يجب عزله منهم قبل التوجه إلى الأماكن المقدسة.

ووصف الدكتور ستاماتياديس جزيرة كمران وطبيعتها الجغرافية والمناخية والبحرية، وسكانها وعاداتهم وتقاليدهم.

و«كمران» أو «كمريْن» هي كلمة مصحّفة عن الكلمة العربية «قمران» أو «قمريْن»، ومشتقة من كلمة قمر، وعن سبب تسميتها، تقود الرواية التي رجّحها الطبيب إلى حكاية أنَّ الابنة الوحيدة لأحد ملوك اليمن، والمسماة قمران، أصيبت بمرض مزمن؛ فنُقلت إلى جزيرة من أجل الاستفادة من تغيير المناخ.

وبعد أن أقامت فيها بضع سنين، انتهى الأمر باستعادتها صحتها تماماً، وكذكرى لهذه الواقعة حضّت أباها أن يسمي هذه الجزيرة باسمها إكراماً لها، وسميت نتيجته جزيرة قمران أو كمران.

وكتب الطبيب الفرنسي عن أهل الجزيرة، وقال: «يدينون جميعهم بدين الإسلام، ويستخدمون اللغة العربية الصافية التي هي من المجموعة اللغوية السامية التي يُتكلم بها في مناطق اليمن والحجاز، ويعيشون عادة من نتاج صيدهم البحري وصيدهم البري أيضاً، وهم سباحون ماهرون وغواصون رائعون، لا يخافون المخاطرة غالباً حتى عمق ثلاثين متراً».

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى