اخبار السعودية : من التحديات إلى وحيدات التقنية.. الرميان والخميسي يتحدثان عن مستقبل ريادة الأعمال في السعودية

في لقاء شفاف جمع بين ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وفيصل الخميسي، رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، تم تسليط الضوء على رحلة تحول ريادة الأعمال في المملكة، وبروز الأسس التي تجعل السعودية بيئة جاذبة للاستثمارات التقنية.
في مستهل اللقاء، أكد ياسر الرميان تقديره للضيوف والمستثمرين والشركاء المشاركين في أسبوع المنتدى الاستثماري (FI 9)، مشيراً إلى أن المنتدى أصبح أكبر منصة استثمارية عالمية منذ انطلاقه عام 2017.
واستعرض خلال حديثه الزخم الاستثنائي الذي تشهده منظومة رأس المال الجريء في السعودية، والذي يرتكز على أربعة عناصر رئيسية: النمو السريع في التمويل، القطاعات الناشئة، تحول عقلية المستثمرين والاهتمام الدولي، والدعم القوي من السياسات والمؤسسات.

وأضاف أن النظام البيئي الحالي ليس مثالياً بعد، لكنه سيصبح كذلك مع استمرار الجهود المبذولة لتلبية احتياجات رواد الأعمال مثل فيصل الخميسي ومديري الصناديق الاستثمارية، لضمان بيئة أكثر جذباً للرياديين والمستثمرين.
رحلة فيصل الخميسي: من الطالب المهووس بالإنترنت إلى رائد أعمال ناجح
بدأ فيصل الخميسي حديثه بالتأكيد على امتنان كبير للفرصة لمشاركة تجربته، مستعيداً بداياته في عام 1998 كطالب في السنة الأولى لعلوم الحاسوب، حين كان شغفه بالإنترنت يفوق إمكانيات البنية التحتية المحلية آنذاك. فالإنترنت كان مكلفاً، وكان الوصول إليه يتطلب الاتصال عبر البحرين، بتكلفة نحو دولار في الدقيقة.
في تلك الفترة، عمل فيصل بدوام جزئي لدى شركة صغيرة لتقديم خدمات الاتصال بالإنترنت، حيث كانت مهمته تركيب الخدمة للعملاء، مقابل أسهم لم تكن ذات قيمة حينها. بعد عامين، حصلت الشركة على رخصة رسمية مع دخول الإنترنت للسعودية، وتم الاستحواذ عليها، محققاً أول مليون دولار له، وفي الوقت نفسه ترك الجامعة ليبدأ مشروعه الخاص.

واجه فيصل تحديات كبيرة عند تطوير تطبيق “شابك” (المعنى: متصل)، لتوفير خدمة رسائل مجانية عبر الهواتف المحمولة، منها: نقص المطورين المهرة في السعودية، غياب إشعارات الدفع، تعدد أنظمة الهواتف، عدم وجود بنية تحتية للسحابة المحلية، ونقص التمويل من رأس المال الجريء. كما كانت المنافسة مع تطبيقات عالمية مجانية، مثل WhatsApp، تشكل عقبة كبيرة أمام نمو المشروع.
التحول الكبير بعد رؤية 2030
منذ عام 2016، شهدت المملكة طفرة نوعية في منظومة ريادة الأعمال، حيث توسعت عناصرها بشكل مذهل: الموارد البشرية، التمويل، البنية التحتية التقنية، الثقافة الداعمة، والدعم المؤسسي. واليوم، يوجد أكثر من 100 صندوق رأس مال مخاطر، إلى جانب البنية التحتية السحابية المتاحة من شركات عالمية كبرى مثل Amazon وMicrosoft وGoogle وAlibaba، وفعاليات تقنية مثل LEAP، بالإضافة إلى حاضنات ومسرعات أعمال متعددة.
هذا التحول أسهم في ظهور شركات ناشئة ناجحة ووحيدات التقنية (Unicorns) مثل “جاكو” و”هود هود”، التي نجحت في تحقيق قاعدة مستخدمين واسعة وإيرادات ضخمة، مؤكدة قدرة المملكة على دعم الابتكار المحلي على مستوى عالمي.
أوضح فيصل الخميسي أن سر نجاح هذه الشركات يكمن في وجود التمويل المناسب، المواهب المؤهلة، البنية التحتية المتطورة، والثقافة الداعمة للنمو، مع التركيز على التوسع في السوق بدلاً من الأرباح المبكرة، في فلسفة مشابهة لشركات عالمية مثل Google وMeta وAmazon.

وأشار فيصل إلى تميز السوق السعودي من حيث جودة المستخدمين والعائد على الفرد، وهو ما يجعل المملكة بيئة مثالية لنمو الشركات التقنية. كما شدد على أهمية تطوير النظام البيئي للتمويل، اللوائح، والمناطق الحرة لجذب المزيد من رواد الأعمال والمستثمرين.
وتابع: في عام 2011، كانت معظم الشركات العشرة الكبرى المدرجة في البورصة إما شركات نفط أو بنوك، وكانت شركة أبل هي الشركة التقنية الوحيدة. أما في عام 2016، فكانت جميع الشركات الكبرى شركات تقنية، وكان هذا نقطة تحوّل حاسمة لأن النظام البيئي كان يكتسب النضج. نفس الشيء حدث في الصين، والحجة التي أود طرحها اليوم هي أن نفس الأمر يحدث حالياً في السعودية. بمجرد أن يبدأ النظام البيئي في الظهور والنضج، ستتكرر الأحداث التاريخية.
وأكمل: “هذا مضمون مضمون، بل إنه يحدث بالفعل، واليوم لدينا بالفعل شركات وحيدة (Unicorns)، وشركة “نون” واحدة منها. ذكر سعادته شركة “برق”، وهناك أيضاً “جاكو”، ولأصدقائنا الذين يزورون السعودية بشكل مستمر، نرى أن السوق السعودي يكتسب النضج وأن الوقت قد حان لاستكشاف الفرص مثل “برق”. في أقل من عام، أصبحت الشركة الأسرع نمواً بين شركات التكنولوجيا المالية على مستوى العالم. قبل أسبوعين فقط، منحتنا “فيزا” لقب أسرع شركة تقنية مالية نموًا في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، رغم أنهم قالوا إنهم ما زالوا يجمعون البيانات من الصين، لكننا نعلم بالتأكيد أن “بارك” هي الأسرع في التاريخ.
وتابع: استغرقنا 21 يوماً للوصول إلى أول مليون مستخدم، وأقل من ستة أشهر للوصول إلى خمسة ملايين، والآن نقترب من تسعة ملايين مستخدم. لا أستطيع الإفصاح عن قيمة الشركة السوقية، لكنها تجاوزت بالفعل مستوى “Unicorn”. بالطبع، الفريق رائع، وأحمد يقوم بعمل مذهل، وفيصل يدعمه، ويدرك أهمية جمع التمويل للحفاظ على النمو. لقد حرر فيصل أحمد من القلق بشأن تحقيق الأرباح وأبلغه بأن يركز على التوسع المستمر والنمو بأي ثمن.
واختتم لو لم يصل النظام البيئي إلى مرحلة النضج التي بلغها اليوم، لما كانت شركة “برق” موجودة بهذا الشكل. وهذه هي القصة التي أردت مشاركتها الليلة.
وأعرب فيصل الخميسي عن امتنانه للفرصة لمشاركة تجربته، مؤكداً أن التطور الكبير في منظومة ريادة الأعمال في السعودية يجعل من الممكن استمرار ظهور الشركات الناجحة ووحيدات التقنية، وأن المستقبل يحمل فرصاً واسعة للنمو والابتكار، بما يدعم استراتيجية المملكة في تعزيز اقتصاد المعرفة وتوطين التقنية والابتكار.
في الختام، قال ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، خلال لقائه مع فيصل الخميسي على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار: “أود أن أذكر شيئاً آخر. أحد رواد الأعمال قال إن السوق السعودي ليس كبيراً، وعدد السكان غير كافٍ، وهذا يمثل مشكلة كبيرة. فسأله عن الحل، وأجبت على الفور أن الحل الأول هو زيادة عدد السكان، وهو أمر قد يستغرق عدة سنوات”.

وأضاف الرميان: “الحل الثاني هو فتح الحدود لاستقبال المزيد من الناس للعيش والعمل في السعودية، وهذا يحدث بالفعل، إذ يشكل الوافدون ثلث السكان. الحل الثالث يتمثل في تحسين البيئة لرواد الأعمال والشركات الناشئة، بما يشمل التمويل ورؤوس الأموال الجريءة، اللوائح المناسبة، والمناطق الحرة، والتي لا تزال في مراحل التطوير. تم الدفع لهذه الخطوات وسيتم تنفيذها قريباً”.
وتابع: “أما الحل الرابع الذي يميز السعودية عن كثير من الأسواق، فهو العائد المتوسط لكل مستخدم (ARPU). متوسط الإيرادات لكل مستخدم في السعودية أعلى بكثير مقارنة بباقي الأسواق مثل البرازيل والصين والهند. على سبيل المثال، السوق السعودي هو ثاني أكبر سوق لشركة ‘شي إن’ بعد الولايات المتحدة، رغم أن عدد السكان يمثل 10% فقط من الولايات المتحدة.”
وأشار إلى شركة “بارك” قائلاً: “متوسط الإيرادات لكل مستخدم لديهم أعلى من متوسط ‘Revolute’ في تلك الفترة، وهذا ما يميز السوق السعودي. دائماً نتحدث عن الكميات، لكننا نغفل الجودة، حتى الاقتصاديون غالباً ينظرون للأرقام المطلقة دون التركيز على الجودة، وهذه ربما أهم نقطة يجب أن نتذكرها.”
وختم الرميان: “أود أن أُثني على ما قدمه فيصل الخميسي في سوق رأس المال الجريء في السعودية، وأشجعه على الاستمرار في أعماله. لديه العديد من الأفكار الرائعة الأخرى التي نأمل أن تتحقق. بالطبع لن تنجح كلها، لكننا سنشهد بلا شك ظهور المزيد من الشركات وحيدة التقنية (Unicorns). فلنشارك جميعاً في شكره. شكراً جزيلاً، ومرة أخرى، أنا ممتن للغاية لهذه الفرصة”.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الوئام , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الوئام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.




