اخبار السعودية : محمد الحمدان.. حارس الذاكرة وصاحب منبر النوادر والمعرفة

غيب الموت، اليوم الثلاثاء، الأديب والباحث والرحالة السعودي محمد بن عبدالله الحمدان عن عمر ناهز التسعين عامًا، مخلفًا وراءه إرثًا ثقافيًا ارتبط بعمق الأرض وتفاصيل التراث.
يعد الراحل أحد أبرز الرواد الذين شكلوا المشهد الفكري في المملكة عبر مسار تميز بالتأمل الهادئ والعمل التراكمي، حيث آمن بأن الثقافة ليست مجرد استعراض لغوي بل هي فعل حضاري يمتد أثره عبر الأجيال.
وقد صلي على الفقيد في جامع المهيني، ليوارى الثرى بعد رحلة طويلة بدأت من بواكير الصبا في بلدة البير التي أحبها وظلت تسكن وجدانه وكتاباته حتى الرمق الأخير.
من بلدة البير إلى أروقة الديوان
ولدت شخصية الحمدان في بيئة علمية ببلدة البير عام 1938، حيث ترعرع يتيم الأبوين في كنف جده الذي كان إمامًا ومعلمًا، مما غرس فيه شغف العلم منذ نعومة أظفاره.

تلقى تعليمه الأولي في مدرسة تمير، حيث صقلت المناظرات المدرسية موهبته في الخطابة والارتجال، لينتقل بعدها إلى معهد إمام الدعوة وكلية الشريعة بالرياض.
تنوعت حياته الوظيفية بين العمل في الديوان الملكي ووزارة العمل، وصولًا إلى إمارة الرياض حيث شغل منصب مستشار ثقافي لأمير المنطقة لسنوات طويلة، وهي المسيرة التي لم تكن سوى غطاء رسمي لشغفه الأكبر المتمثل في عالم الكتب والمخطوطات والرحلات الاستكشافية.
مكتبة قيس.. منبر النوادر والمعرفة
اتخذ الحمدان قرارًا جريئًا بالتقاعد المبكر في عام 1400هـ للتفرغ الكامل لهوايته في جمع الكتب القديمة والصحف النادرة، وهو القرار الذي أثمر عن تأسيس “مكتبة قيس” الشهيرة التي حملت اسم أحد أنجاله.
ولم تكن المكتبة مجرد متجر لبيع الكتب، بل تحولت إلى مركز بحثي يضم نوادر المجلات العربية والمحلية ومخطوطات فريدة، حتى أن جامعات كبرى استعانت بمقتنياته لإقامة معارض تاريخية عن الملك عبدالعزيز.
عرف الحمدان بكونه أول من سوّق للكتاب المستعمل في المملكة، محولًا منزله ومكتبته إلى منارة يقصدها الباحثون والهواة، حيث كان يستقبلهم بنبله المعهود ولا يبخل عليهم بالمعلومة أو بتصوير المراجع النادرة.

توثيق الأدب الشعبي
برز الفقيد كواحد من أهم رواة وموثقي الشعر الشعبي في نجد، حيث تميز بدقة التحري وضبط الرواية في مؤلفاته التي أصبحت مراجع أساسية في هذا الميدان.
وقد أثرى المكتبة العربية بكتب نوعية مثل “ديوان السامري والهجيني” و”ديوان حميدان الشويعر” و”صبا نجد”، بالإضافة إلى مؤلفاته في القضايا الوطنية والاجتماعية مثل كتاب “من أجل بلادي”.
ويمثل رحيل محمد الحمدان فقدانًا لمرجع فكري وأخلاقي، فقد كان يطرح قضايا الهوية والتحولات الاجتماعية من زاوية إنسانية عميقة، واضعًا القارئ أمام تساؤلات تفتح آفاق التفكير وتغرس قيم الأصالة والانتماء في وجدان الأجيال الجديدة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الوئام , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الوئام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.


