اخبار السعودية : قرية بن عضوان.. إرث عسير على قمم السروات

محمد الأحمري – سعيد الأحمري – رهف القحطاني – أسماء عسيري

على ارتفاع شاهق يقارب 2.760 مترًا فوق سطح البحر، وفي قلب جبال السروات الخضراء شمال مدينة أبها، تتربع “قرية بن عضوان” السياحية التراثية في مركز بيحان ببللحمر، كإحدى الوجهات التي تمزج بين جمال الطبيعة العسيرية وروح التراث الأصيل.

القرية التي تحيط بها المناظر الخلابة وتطل على سهول تهامة، تمتاز بأجواء باردة نسبيًا حتى في ذروة الصيف، مما يجعلها ملاذًا مثاليًا للهاربين من حرارة المدن. وتُقدَّر مساحتها بنحو 30.000 متر مربع، وتضم مرافق متنوعة تشمل مباني تراثية، مزارع فواكه، جلسات تقليدية، وأركانًا للضيافة والأنشطة الثقافية.

متحف يوثق الحياة العسيرية عبر العصور

في الطابق الأرضي من المبنى التراثي، يقع متحف خاص أنشأه وجمّع مقتنياته المهتم بالتراث محمد عضوان الأحمري، الذي جمع أكثر من 3.000 قطعة تراثية نادرة، موزعة على 12 جناحًا، يعرض كل منها جانبًا مختلفًا من الحياة في منطقة عسير عبر العصور.

المعروضات تشمل أدوات الحرف اليدوية، الزراعة، النجارة، الإنارة، وتحضير الغذاء، إلى جانب أدوات الزينة الشخصية، والأزياء التقليدية الخاصة برجال ونساء عسير. كما يضم المتحف قطعًا نادرة مثل عملات أموية وعباسية، ومخطوطات قديمة، من بينها مصحف تاريخي يعود لعام 1287 هـ.

ضيافة فندقية بأجواء تراثية

يتكوّن المبنى الرئيسي للقرية من أربعة طوابق:

• الطابق الأرضي: المتحف.
• الطابق الثاني: صالة ترحيبية ومجالس ضيافة بطابع تقليدي.
• الطابقان الثالث والرابع: أجنحة فندقية فاخرة مجهزة بأثاث تراثي يمنح الزائر تجربة إقامة فريدة تعكس الطابع العسيري الأصيل.

كما تحتضن القرية مزرعة فواكه موسمية مثل التوت، الفراولة، والكرز، حيث يمكن للزوار قطف الثمار بأنفسهم وتذوق منتجاتها المحلية من مربى وعصائر طبيعية.

منصة للثقافة والفنون

في صيف 2023، كانت القرية إحدى المحطات الرئيسة في فعاليات “صيف عسير” ضمن مهرجان “قمم الدولي للفنون الأدائية”، حيث احتضنت عروضًا مسرحية وورشًا تعليمية في فنون الأداء والموسيقى والتراث.

كما تستضيف بانتظام جلسات للطبخ الشعبي، وعروضًا حية للحرف اليدوية، بالشراكة مع الأسر المنتجة المحلية، ما يسهم في دعم الاقتصاد الريفي وتعزيز حضور الحرف التقليدية في المشهد الثقافي.

مغامرات في الهواء الطلق

ولا تقتصر تجربة الزائر على المتحف والضيافة، إذ تتيح القرية للمهتمين بالرياضات الجبلية فرصًا لممارسة الطيران الشراعي (Paragliding)، وتسلق الجبال، إلى جانب مسارات للتنزه وسط الطبيعة الخضراء، بما يعكس التنوع الذي يجمع بين الأصالة وروح المغامرة.

وجهة للإبداع والهدوء

بفضل أجوائها الهادئة والمناظر المحيطة الملهمة، أصبحت القرية وجهة مفضلة لدى العديد من الفنانين وكتّاب المسرح، حيث تُعقد فيها ورش الكتابة المسرحية وفعاليات الإبداع الفني، في بيئة تسمح بالتأمل والانغماس في التفاصيل الجمالية والتراثية.

تجربة متكاملة

تقدّم قرية “بن عضوان” تجربة تراثية متكاملة تجمع بين العمق التاريخي، والضيافة الجبلية، والطبيعة الساحرة، إلى جانب دعم مباشر للمجتمع المحلي. إنها أكثر من مجرد مزار سياحي؛ بل مساحة حية تُجسد ذاكرة عسير الثقافية، وتعيد إحياء تفاصيل الحياة القديمة بروح عصرية.