وثيقة رأي قانوني وسياسي حول إستقالة بن مبارك والخروج من الأزمة الدستورية

وثيقة رأي قانوني وسياسي حول الاستقالة المقدّمة من رئيس الوزراء، وآليات الخروج من الأزمة بما يعزز مبدأ الشراكة ويصون التوازن الوطني.
في ظل التطورات السياسية المتسارعة على الساحة الوطنية، وعلى ضوء المذكرة الرسمية المقدمة من رئيس الوزراء إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي بطلب إعفائه من منصبه، وما تبع ذلك من ردود فعل سياسية وتفسيرات دستورية، فإن من الواجب إمعان النظر في الموقف من زاويتين مترابطتين:
أولًا: الزاوية الدستورية والقانونية.
تنص المادة (130) من الدستور النافذ على أن: “تُعدّ استقالة رئيس الوزراء أو إعفاؤه من منصبه استقالة للحكومة بأكملها.”
ووفقًا لهذا النص، فإن استقالة رئيس الوزراء تُنتج أثرًا مباشرًا على الوضع القانوني للحكومة، باعتبارها مستقيلة كاملًا، ولا يجوز استمرارها بصفتها التنفيذية إلا في إطار تصريف الأعمال، وبقرار واضح من مجلس القيادة الرئاسي. غير أن المادة ذاتها لا تعني القفز مباشرة إلى تعيين بديل دون الرجوع إلى طبيعة المرحلة والضمانات التوافقية الناظمة لها، خصوصًا في ظل الشراكة المنبثقة من اتفاق الرياض بنسختيه (2019، 2022)، والذي يمثّل الإطار السياسي الأعلى الناظم لمرحلة ما بعد الحرب، وضمان التوازن في تمثيل الجنوب والشمال في السلطة التنفيذية.
ثانيًا: الزاوية السياسية والتوافقية.
اتفاق الرياض أكّد على مبدأ الشراكة السياسية، وأعطى المجلس الانتقالي الجنوبي موقعًا راسخًا كشريك رئيس في صناعة القرار الوطني، بما في ذلك تشكيل الحكومة وتمثيل الجنوب.
وبالتالي، فإن أي قرار منفرد – سواء أكان في قبول استقالة رئيس الوزراء أو تعيين البديل – دون التشاور مع المكوّنات الموقعة على الاتفاق، وخصوصًا المجلس الانتقالي الجنوبي، يُعدّ خرقًا قانونيًا و سياسيًا يُفقد القرار شرعيته و مصداقيته. لا يغيب عنا أن بعض الأطراف تحاول تأصيل الاستقالة قانونيًا كمخرج متعجّل أو وسيلة للالتفاف على الشراكة، وإعادة تموضع بعض القوى السياسية على حساب شركاء الجنوب. وهذا توجّه مرفوض ويفتقر للشرعية الأخلاقية والسياسية.
ثالثًا: مقترح الحل السياسي والقانوني للخروج من الأزمة:
1. التعامل مع مذكرة رئيس الوزراء باعتبارها استقالة نهائية، تُسقط الحكومة بحكم الدستور.
2. تشكيل حكومة جديدة بناء على مشاورات شاملة مع كافة الشركاء في مجلس القيادة الرئاسي، وفي طليعتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، ضمانًا لاستمرار التوازن السياسي.
3. صدور قرار من مجلس القيادة بتكليف شخصية توافقية، وبصفة مؤقتة، لتسيير أعمال الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
4. التمسك بأن لا يتم ترشيح أو اعتماد رئيس وزراء جديد إلا بتوافق شامل، وبموافقة المجلس الانتقالي الجنوبي، ضمانًا لعدم الإخلال بمعادلة الشراكة.
5. مطالبة مجلس القيادة الرئاسي بالاحتكام إلى لائحته الداخلية التي تنص على اتخاذ القرار بالإجماع أو التوافق، لا بالانفراد، خاصة في القضايا السيادية.
6. رفض أي محاولات لتجاوز المجلس الانتقالي الجنوبي في صياغة المرحلة القادمة، والتأكيد أن أي قرار يصدر دون شراكة هو قرار أحادي باطل سياسيًا ومرفوض وطنيًا.
رابعًا: خاتمة تأكيدية.
> إن تحصين القرار الوطني لا يتم إلا عبر الشراكة الحقيقية، والالتزام بنصوص اتفاق الرياض وروحه، واحترام التوازنات الدقيقة التي تضمنت تمثيلًا متوازنًا للجنوب عبر المجلس الانتقالي الجنوبي.
ولا يجوز الالتفاف على هذه الشراكة أو تجاوزها بأي غطاء قانوني شكلي، فالشرعية تُبنى على الرضا الوطني والتوافق السياسي، لا على التأويل المنفرد لنصوص مجتزأة.
صادر عن:المحامي/ جسار فاروق مكاوي
عدن – مايو 2025
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.