هل تعيد أحداث حضرموت تشكيل البنية الشرعية في اليمن؟

تشهد مناطق وادي وصحراء حضرموت واحدة من أكثر اللحظات حساسية في المشهد اليمني منذ سنوات، بعد إطلاق القوات الجنوبية عملية “المستقبل الواعد” التي وصفت بأنها أكبر تحرك عسكري لإعادة رسم خريطة السيطرة في المحافظة الغنية بالثروات، والتي ظل جزء واسع منها خارج معادلات الاستقرار منذ عقود.
وبينما تتوسع رقعة العمليات على الأرض، تتصاعد الأسئلة حول خلفيات هذا التحول، وحدود التغيير الممكن، وتأثيره على الشرعية اليمنية.
جذور الصراع
وترى مصادر يمنية، أن ما يجري اليوم ليس “فصلاً طارئاً”، بل تصفية حساب مع اختلالات أمنية وعسكرية موروثة منذ منتصف التسعينيات، حين بدأت مجموعات مرتبطة بـ“الأفغان العرب” وجماعات محسوبة على الإخوان النشاط في وادي حضرموت.
وقال الناطق باسم المجلس الانتقالي الجنوبي أنور التميمي لـ”إرم نيوز”، إن هذه الجماعات تحولت عبر الزمن إلى واقع مفروض في منطقة مفتوحة جغرافياً على محافظات حساسة ومؤثرة في أمن دول الجوار، في ظل غياب معالجة سياسية وأمنية جادة، وتعاقب حكومات غير قادرة على تفكيك المشهد أو ضبطه.
وأسهم تأخر وصول قوات النخبة الحضرمية ووحدات الجنوب إلى الوادي عقب تحرير المكلا من “القاعدة” عام 2016، في ترك مناطق واسعة عرضة للفراغ الأمني، والانفلات، وتمدّد شبكات تهريب السلاح والمخدرات.
تفجر المواجهة
على مدى الساعات الـ24 التي سبقت الاشتباكات، توقفت القوات الجنوبية على تخوم الوادي بانتظار انسحاب قوات “المنطقة العسكرية الأولى” بهدوء، وفق مصادر جنوبية.
وقالت المصادر إن قصفاً بالدبابات أشعل المواجهة التي توسعت سريعاً في حورة وتريم، قبل أن تنتقل إلى محيط مدينة سيئون.
ووفق روايات ميدانية متقاطعة، استطاعت القوات الجنوبية السيطرة على مطار سيئون الدولي والقصر الجمهوري ومقر اللواء 37 مدرع، مع تقدم نحو تريم والقطن وسط انهيارات لافتة في صفوف بعض وحدات المنطقة الأولى.
وفي المقابل، تؤكد مصادر عسكرية يمنية أن وحدات الجيش حاولت صد التقدم من دوعن ووادي العين، في محاولة لمنع تغيير شامل في بنية السيطرة داخل الوادي.
دعم شعبي
أظهرت المقاطع المصورة والتقارير الميدانية احتشاد الأهالي على الطرقات مرحبين بوصول القوات الجنوبية، وسط تصاعد مطالبات محلية منذ سنوات بإنهاء حالة الفوضى وغياب الأمن.
وتمثل حضرموت المحافظة اليمنية الأكثر ثراء بالنفط والمعادن، لكن الانفصال الإداري بين الوادي (المنطقة الأولى) والساحل (المنطقة الثانية) خلق واقعاً أمنياً غير متجانس يصفه السكان بأنه عقبة أمام الاستقرار والتنمية.
ويرى مراقبون أن لحظة دخول القوات الجنوبية الوادي، وإن كانت محاطة بتوتر عسكري، فإنها تحمل رغبة أهلية عميقة في إنهاء الفراغ الأمني، وفي نقل تجربة الساحل الأكثر استقراراً إلى الوادي.
الشرعية اليمنية.. أزمة بنيوية
برزت العملية العسكرية في حضرموت كاختبار جديد للشرعية اليمنية، التي يعاني إطارها التنفيذي من تعدد مراكز النفوذ، وتضارب الولاءات، وتغلغل جماعات من جماعة الإخوان المسلمين ترتبط بعلاقات متقاطعة مع الحوثيين.
هذا التداخل وفق مصادر سياسية يمنية، أنتج حالة شلل مزمنة في مواجهة تمدد الميليشيا، وخلق صراعاً داخلياً استثمره الحوثيون لتعميق حضورهم وفرض وقائع جديدة، بما فيها التوسع في الشمال، وفرض إتاوات في البحر الأحمر، فيما بقي رد الشرعية محدوداً أو غائباً.
وترى أطراف جنوبية أن الشرعية اختزلت دورها في إدارة صفقات وتفاهمات داخلية، مع بقاء ملف استعادة الدولة معلقاً، وتركز نفوذ شخصيات مؤثرة داخل مؤسساتها تتهم بأنها تعرقل مواجهة الحوثيين.
الأهمية الاستراتيجية لحضرموت
تشكل حضرموت – بواديها وصحرائها الممتدة على تماس مباشر مع خطوط الإمداد الحيوية منطقة حساسة لأمن دول الجوار.
وتشير تقارير أمنية إلى نشاط متزايد لشبكات تهريب السلاح باتجاه الحوثيين خلال السنوات الأخيرة، ما دفع قوى الجنوب إلى اعتبار تحرير الوادي ضرورة استراتيجية في إطار اتفاق الرياض وترتيبات الشراكة مع التحالف العربي.
هذه العملية تأتي كذلك في سياق مسار أشمل لتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة، والحد من مصادر تهديد الإمدادات النفطية والممرات البحرية.
مرحلة جديدة
تتفق قراءات عدة على أن التطورات في حضرموت تشكل نقطة تحول مفصلية، ليس فقط في توزيع القوة العسكرية، بل في بنية الشرعية اليمنية نفسها.
حيث سيشكل نجاح النخبة الحضرمية والقوات الجنوبية في تثبيت الأمن اختباراً لقدرة السلطات المحلية على إدارة مرحلة ما بعد العمليات.
ورجّحت مصادر يمنية جنوبية أن تسرّع أحداث حضرموت النقاش حول إعادة هيكلة الشرعية، وفصل القوى المتعارضة داخل مؤسساتها، ووضع سياسة واضحة لمواجهة الحوثيين.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.








