من بورتسودان إلى اليمن.. خطط إيران لإسناد الحوثيين تهدد بتفجير البحر الأحمر

شهدت الأيام الأخيرة تحركات لافتة في المسار البحري الذي تعتمد عليه إيران لإيصال المواد التقنية إلى الحوثيين في شمال اليمن. 

تلك التحركات حملت علامات تدل على مستوى أعلى من التنظيم؛ إذ بدأت الشحنات الصغيرة تصل بطريقة محكمة ومحسوبة، منسقة من خلال نقاط محددة كما اعتادت طهران مؤخراً في مخططها عبر الساحل الإريتري ومحيط بورتسودان، وبصورة توحي بأن طهران تعمل على رفع مستوى القدرات البحرية لدى الحوثيين بصورة سريعة ودقيقة.

تحوّل في الإيقاع

المعلومات التي نقلتها مصادر أوروبية معنية بأمن البحر الأحمر، لـ”إرم نيوز” تشير إلى أن المواد التي انتقلت نحو اليمن كانت قطعاً مفصولة تُستخدم عادة في تشغيل زوارق بحرية مسيّرة، إضافة إلى مكوّنات ملاحة وتقنيات اتصال ميدانية.

 هذه التفاصيل تمنح فكرة واضحة عن الهدف المتمثل بتجهيز الحوثيين بقدرات بحرية يمكن تشغيلها في وقت قصير، وبمستوى هجومي أعلى من السابق.

التحركات الأخيرة في بورتسودان أعادت تأكيد دور المدينة بوصفها الحلقة الأكثر استغلالاً في شبكة التهريب الإيرانية.

الجديد كان في الطريقة المنتظمة التي جرى استخدامها خلال الأيام الماضية، بحيث بدت الحركة أكثر انضباطاً واتصالاً مما كان يُسجَّل عادة في الأسابيع السابقة.

 إذ سُجّلت حركة واضحة لقوارب صغيرة تنطلق من أطراف المدينة إلى نقاط عائمة قرب الساحل الإريتري، ثم تنتقل من هناك إلى مسارات ضيقة تؤدي إلى مناطق نفوذ الحوثيين.

 المدينة السودانية التي تشهد أصلاً حالة تفكك داخل مؤسساتها وفلتان أمني وإداري من قبل حكومة بورتسودان، ما يسمح بإدارة شبكة بهذا المستوى من الدقة، وفق المصادر.

الساحل الإريتري بدوره أصبح جزءاً أساسياً من العملية، فالسواحل الطويلة قليلة الرقابة أتاحت للإيرانيين تغيير أماكن التفريغ أكثر من مرة خلال يوم واحد، وهو أسلوب يقلل من إمكانية رصد الحركة الجوية أو اعتراضها بحرياً.

التغيير السريع في المواقع بحسب المصادر يشير إلى أن العملية تُدار من غرفة متابعة تمتلك صورة واضحة عن الفراغات الأمنية في المنطقة، وتعرف كيف تستفيد منها بأكبر قدر من الفعالية.

ما ظهر خلال الأيام الأخيرة يوضّح أن إيران تتحرك لخلق قدرة بحرية للحوثيين يمكن استخدامها فوراً في حال توترت الأوضاع في البحر الأحمر.

ولفتت المصادر الغربية إلى أن الحوثيين كانوا يعتمدون سابقاً على نمط هجمات محدودة، لكن المواد التي وصلت مؤخراً تمنحهم إمكانية بناء منظومات مسيّرة أكثر استقراراً ودقة، وهذا التطور قد يرفع مستوى التهديد على الحركة التجارية.

تحركات أوروبية

وقال دبلوماسي أوروبي يعمل على ملف البحر الأحمر إن التحركات التي سُجِّلت نهاية الأسبوع الماضي تكشف عن تسريع واضح في الإيقاع الذي تُدار به هذه العمليات الإيرانية تجاه تحركات الحوثيين المحتملة.

وأوضح لـ”إرم نيوز” أنّ الملاحظ في الأيام الأخيرة هو اعتماد طهران على وتيرة أكثر انتظاماً بين بورتسودان والساحل الإريتري، وهي وتيرة بحسب تعبيره تشير إلى وجود ترتيب مُسبق لا علاقة له بتطورات داخل اليمن، وإنما بقراءة إيرانية للوضع في البحر الأحمر نفسه.

وأضاف الدبلوماسي أنّ بعثات أوروبية تتابع الملف لاحظت تغيّراً في شكل الحركة أكثر من مضمونها؛ إذ أصبحت عمليات العبور تتم في فترات زمنية أقصر، مع استخدام قوارب صغيرة تتنقل بين نقاط محددة اعتادت إيران الاستفادة منها خلال الأشهر الماضية، لكنها اليوم تتحرك بانتظام أكبر، وكأن هناك “محاولة لإحكام المسار”.

وأشار إلى أنّ هذا النمط لا يظهر عادة إلا عندما تسعى طهران إلى رفع جاهزية طرف محلي يتبع لها في توقيت محسوب.

عقدة لوجستية

وأوضح أنّ بورتسودان بدت خلال الأيام الأخيرة “أكثر انخراطاً” في الحركة اللوجستية المحيطة بشبكات التهريب، مشيراً إلى أنّ هشاشة الوضع الأمني في المدينة وفوضى السيطرة العسكرية التي تسببت بها حكومة بورتسودان يفتحان المجال أمام الإيرانيين لاستخدامها كمنطقة عبور متكررة، من دون الحاجة إلى تجهيزات ظاهرة أو عمليات تخزين كبيرة.

ورأى أنّ هذا الاستخدام يؤكد أنّ إيران تبحث عن الحفاظ على حضورها البحري عبر شبكة يصعب تعطيلها.

وأشار أيضاً إلى أنّ تغيّر وتيرة الحركة بين الساحل الإريتري ومحيط بورتسودان يتوافق مع ما يسميه الأوروبيون “إدارة منخفضة الظهور”، وهي طريقة تعتمد على تكرار الحركة نفسها في أوقات قصيرة لإخفاء الهدف الفعلي.

 واعتبر أنّ هذا الأسلوب “يتناسب مع سلوك إيراني معتاد في مناطق تشهد فراغاً أمنياً”، وأن إيران تستفيد حالياً من غياب سلطة مركزية في بورتسودان، ومن ضعف الرقابة في الساحل الإريتري، لتثبيت ما وصفه بـ”حضور عملياتي هادئ”.

وفي قراءته للهدف، قال الدبلوماسي إن تسريع المسار في هذا التوقيت يُظهر أن طهران تعمل على إبقاء الحوثيين في موقع يسمح لها باستخدام البحر الأحمر كمساحة ضغط سياسية، وأنّ ما يجري هو تأكيد على أنّ النفوذ الإيراني في اليمن جزء من استراتيجية أوسع تتجاوز حدود الصراع اليمني نفسه.

واعتبر أنّ هذا التوجه يشكل خطراً متزايداً على استقرار الممرات البحرية، لأن طهران بحسب تعبيره تستثمر في كل مساحة تفلت من الرقابة لإبقاء يدها على البحر.

أخبار ذات علاقة

سوق في صنعاء

توتر “غير مسبوق”.. الحوثيون يواجهون أزمة اقتصادية خانقة في اليمن

تحوّل في وظيفة الحوثيين

من جانبه قال الباحث السياسي مروان العريضي، المتخصص في قضايا الأمن الإقليمي، لـ”إرم نيوز” إن التطور الذي ظهر خلال الأيام الأخيرة يُظهر استعداداً إيرانياً لمرحلة تحتاج فيها طهران إلى قوة متقدمة بالوكالة تستطيع الحركة خارج نطاق التفاهمات الدولية. 

وأوضح أن رفع وتيرة المسار البحري بين بورتسودان والسواحل الإريترية خطوة تعكس رغبة إيران في استخدام جماعة الحوثيين كذراع بحرية تتحرك عند الحاجة، وتضغط على الممرات التجارية دون أن تتحمل طهران كلفة المواجهة المباشرة.

وأضاف العريضي أن الاعتماد الإيراني المتزايد على نقاط رخوة في شرق أفريقيا يعني أن طهران ترى في البحر الأحمر مساحة يمكن أن تعوّض فيها خساراتها السياسية في مناطق أخرى.

وأشار إلى أن الحوثيين باتوا جزءاً من معادلة إيرانية أوسع تهدف إلى تثبيت نفوذ طويل الأمد عبر أدوات منخفضة التكلفة. 

ورأى أن التحرك الأخير يؤكد أن طهران تبحث عن استدامة النفوذ أكثر من بحثها عن تحقيق مكاسب عسكرية، وهذا ما يجعلها خطراً مباشراً على أمن الممرات البحرية.

ولفت إلى أنّ تزايد وتيرة الحركة في شرق أفريقيا يعني أنّ طهران تتصرّف على أساس أنّ المجتمع الدولي منشغل بملفات أكبر، وأن البحر الأحمر يمكن تحويله إلى نقطة نفوذ مضمونة.

وأشار إلى أنّ الحوثيين يستفيدون من هذا الوضع لفرض حضور سياسي وأمني لا يتناسب مع حجمهم الحقيقي داخل اليمن.

ورأى أنّ هذا الوضع يدفع المنطقة نحو نمط تهديد جديد، فيه قدرة على التعطيل أكثر من القدرة على الحسم، وهو ما يجعل الحوثيين ورقة خطرة بيد إيران في كل لحظة توتر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى