قرارات الرئيس الزُبيدي.. وفاء لدماء الشهداء وتجسيد لحلم الاستقلال

هذه القرارات لم تكن مجرد تغييرات شكلية في هياكل الإدارة، ولا مجرد تدوير للوجوه أو تبديل للأسماء، بل جاءت كخطوات إصلاحية تاريخية تحمل في جوهرها مشروعاً متكاملاً لبناء مؤسسات الدولة الجنوبية وتمكينها من إدارة شؤونها بقدراتها الذاتية وكفاءاتها الوطنية.
لقد جاء توقيت هذه القرارات في لحظة بالغة الأهمية، حيث يعاني الجنوب من تحديات اقتصادية ومعيشية وأمنية معقدة، وهو ما جعلها بمثابة طوق نجاة للشعب الذي طال انتظاره لرؤية تحول ملموس من الشعارات إلى الممارسة العملية.
كما تمثل القرارات إعلاناً صريحاً بأن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يعد يكتفي بدور المعارضة أو الحضور السياسي، بل دخل مرحلة ممارسة السلطة وبناء المؤسسات على الأرض.
*صوت الشعب وإرادته الحقيقية*
من اللافت أن هذه القرارات لم تُفرض من الخارج، ولم تُصنع في غرف مغلقة بعيدة عن هموم الشارع، بل جاءت نتاج إرادة جنوبية خالصة، تمثل صوت الشعب الجنوبي وتطلعاته.
فمنذ سنوات طويلة ظل المواطنون الجنوبيون يرفعون شعار “نريد إدارة وطنية من أبنائنا الأكفاء”، واليوم تتحقق هذه المطالب على يد الرئيس الزُبيدي.
لقد أثبتت التجربة أن القرارات التي تستمد مشروعيتها من إرادة الناس لا يمكن أن تهتز أمام الضغوط، ولا يمكن أن تتراجع أمام الحملات الإعلامية المضادة. وبالنظر إلى ردود الأفعال الشعبية الواسعة، يتضح أن أبناء الجنوب وجدوا في هذه التعيينات صدى حقيقياً لأصواتهم، وترجمة أمينة لمطالبهم التي لطالما صدحت بها الميادين والساحات منذ ثورة الحراك الجنوبي السلمي في 2007 وصولاً إلى يومنا هذا.
*الكفاءة فوق المحسوبية*
واحدة من أهم رسائل هذه القرارات أنها وضعت معيار الكفاءة والخبرة فوق أي اعتبار آخر، لتُنهي عملياً زمن المحسوبية والولاءات الضيقة. فالأسماء التي صدرت بحقها قرارات التعيين ليست وليدة الصدفة، بل تم اختيارها بعناية بناءً على تاريخها النضالي ومؤهلاتها العلمية وخبرتها الإدارية.
لقد عانى الجنوب لعقود طويلة من سيطرة المحسوبية التي فرضها النظام اليمني السابق، حيث كانت المناصب حكراً على المقربين أو على من يدينون بالولاء لأطراف النفوذ في صنعاء.
واليوم، يعلن الجنوب بقيادة الزُبيدي انتهاء ذلك الزمن وبداية مرحلة جديدة، عنوانها أن المنصب يُمنح للكفؤ لا للموالي، ولصاحب الإنجاز لا لصاحب الولاء الشخصي في سياق بناء دولة حديثة تحترم التخصص وتؤمن بقدرات أبنائها.
*الجنوب وسيادة القرار*
من بين الأبعاد الأعمق لهذه القرارات أنها تعيد تثبيت حقيقة مفادها أن الجنوب هو صاحب القرار في أرضه، وأنه لا يمكن لمن تركوا مدنهم للحوثيين أو انسحبوا من ساحات المواجهة أن يفرضوا وصايتهم على شعب قدّم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى في سبيل الحرية.
لقد ظنّت بعض القوى أن بإمكانها إدارة الجنوب بالريموت كنترول من فنادق الخارج أو من كهوف الحوثيين في صنعاء وصعدة، غير أن قرارات الزُبيدي جاءت لتقول بوضوح: القرار الجنوبي يُصنع في عدن، ويصدر من قيادته السياسية الشرعية المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي. وهنا تكمن القيمة السيادية لهذه الخطوة، فهي ليست مجرد إدارة محلية، بل إعلان سياسي عن امتلاك الجنوب لزمام أمره وعدم خضوعه للابتزاز أو الوصاية.
*التفاف شعبي واسع حول القيادة*
اللافت أن الشارع الجنوبي استقبل القرارات بزخم كبير من الترحيب والتأييد.
فقد خرجت البيانات والفعاليات الشعبية في عدن وحضرموت والمهرة وشبوة وأبين ولحج وسقطرى لتؤكد أن الشعب يقف خلف قيادته، ويمنحها الشرعية الحقيقية التي لا يملكها أي طرف آخر.
الرئيس الزُبيدي أصبح رمزاً سياسياً وإجماعياً في الجنوب، يمثل إرادة الناس وطموحاتهم في الحرية والاستقلال. وما هذا التأييد الشعبي الكاسح إلا تأكيد على أن القرارات كانت مطلباً جماهيرياً قبل أن تكون قراراً سياسياً. وفي لحظةٍ يعيش فيها المواطن ضغوطاً معيشية واقتصادية، فإن رؤية قرارات إصلاحية وجريئة تعطيه الأمل من جديد، وتمنحه الثقة بأن مسيرة استعادة الدولة الجنوبية تسير بخطى ثابتة.
*بيانات تأييد جنوبية كاسحة*
لم يتأخر المكون الجنوبي بمختلف أطيافه عن إعلان تأييده لهذه القرارات، حيث صدرت بيانات من الأحزاب الجنوبية، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات النقابية، والسلطات المحلية في المحافظات، جميعها تؤكد وقوفها إلى جانب الرئيس الزُبيدي.
ففي عدن، أصدرت منظمات شبابية ونسوية بيانات تثمن القرارات وتعتبرها بداية لعصر جديد من المشاركة الشعبية. وفي حضرموت، باركت الشخصيات الاجتماعية والقبلية هذه التعيينات باعتبارها تجسد الشراكة الوطنية وتعيد الاعتبار للمحافظة.
أما في سقطرى والمهرة، فقد جاء التأييد الشعبي انعكاساً لرغبة الناس في أن تكون محافظاتهم جزءاً من مشروع وطني جامع يقوده المجلس الانتقالي.
هذه البيانات ليست مجرد كلمات، بل هي انعكاس لحالة شعبية غير مسبوقة من الإجماع حول القيادة السياسية الجنوبية.
*الأطراف المعادية ومحاولات العرقلة*
من الطبيعي أن تثير هذه الخطوات حفيظة الأطراف المعادية للجنوب، فقد رأت فيها ضربة قاصمة لمشاريعها التي تقوم على إضعاف الجنوب وإبقائه في حالة فراغ إداري. بدأت هذه الأطراف حملاتها الإعلامية المضللة، متهمة القرارات بأنها إقصائية أو أنها تسعى لاحتكار السلطة.
لكن الواقع يثبت عكس ذلك تماماً؛ فالمجلس الانتقالي يفتح أبوابه لكل من يؤمن بحق الجنوب ويضع مصلحة الشعب فوق المصالح الشخصية.
إن محاولات العرقلة هذه ليست سوى امتداد لمسلسل طويل من الاستهداف الذي تعرّض له الجنوب منذ 1994 وحتى اليوم. غير أن الفرق هذه المرة أن الجنوب أقوى، وقيادته أكثر تماسكا، وشعبه أكثر وعياً وإدراكاً بأن المعركة ليست على المناصب، بل على مستقبل وطن بأكمله.
*قرارات ترتبط بروح الثورة والاستقلال*
في خطابه الأخير، دعا الرئيس الزُبيدي الشعب الجنوبي إلى الاحتشاد في ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة وذكرى الاستقلال في 30 نوفمبر. القرارات التي أصدرها ليست بعيدة عن هذا السياق الثوري، بل هي امتداد لتلك الروح التي فجرت الثورة وأطلقت مسيرة التحرر.
إن تعيين قيادات جنوبية في الوزارات والسلطات المحلية هو في جوهره تكريم لتضحيات الشهداء والجرحى الذين سقطوا على طريق الحرية ووفاء لدماء سالت من أجل أن يحكم الجنوب نفسه بنفسه.
لذلك فإن المشاركة الشعبية في إحياء هذه المناسبات الوطنية تصبح واجباً مضاعفاً، فهي ليست مجرد احتفالات، بل رسالة للعالم أن الجنوب ماضٍ في مسيرته وأن قرارات قيادته تنبثق من جذور نضاله وتاريخه.
*رسالة الجنوب إلى الإقليم والعالم*
وفي خاتمة هذا المشهد، فإن القرارات الأخيرة للرئيس الزُبيدي تحمل رسالة أبعد من حدود الداخل.
هي رسالة إلى الإقليم والعالم أن الجنوب يسير بخطى ثابتة نحو استعادة دولته وبناء مؤسساته، وأنه لن يكون عبئاً على أحد، بل سيكون مصدر أمن واستقرار للمنطقة والعالم.
فموقع الجنوب الجغرافي الاستراتيجي على أهم الممرات المائية الدولية، وثرواته الطبيعية الهائلة، وطاقاته البشرية الكفؤة، تجعله شريكاً لا غنى عنه في أي معادلة إقليمية. وكلما مضى في طريق بناء مؤسسات قوية، كلما أصبح أكثر قدرة على لعب دوره كشريك مسؤول في حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب وضمان تدفق التجارة العالمية.
إن المجتمع الدولي مدعو اليوم لفهم حقيقة القضية الجنوبية بوصفها قضية شعب يسعى لنيل حقه المشروع في تقرير مصيره وإدارة موارده وهذا ليس مطلباً انفصالياً كما يحاول خصوم الجنوب تصويره، بل هو استعادة لحق تاريخي سُلب بالقوة. وقرارات الزُبيدي الأخيرة ليست سوى خطوة جديدة على هذا الطريق الطويل، لكنها خطوة واثقة تضع الجنوب على أعتاب مرحلة جديدة من التمكين والسيادة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.