في مفاوضات الحرب والسلام.. سقوط ذراع زيلينسكي اليمنى يغيّر “قواعد اللعبة”

شكّل رحيل رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أندريه يرماك، لحظة مفصلية في قلب السلطة الأوكرانية؛ إذ يجبر زيلينسكي على تفكيك منظومة مركزية صنعها مساعده الأقوى خلال سنوات الحرب، وإعادة تمكين المؤسسات الديمقراطية كي تحافظ أوكرانيا على صمودها العسكري والسياسي في لحظة حرجة.
وبحسب “المعهد الملكي للشؤون الدولية”، فإن استقالة الرجل الذي كان يُنظر إليه باعتباره الشخصية الأكثر نفوذًا بعد الرئيس، أعادت فتح ملف إدارة الدولة في زمن الصراع، ووضعت مستقبل المؤسسات الديمقراطية على المحك في أخطر مرحلة تمر بها أوكرانيا منذ الغزو الروسي.
وبرغم أن يِرماك، الذي تحول خلال الحرب إلى مهندس التحالفات الدولية ومدير السلطة التنفيذية غير المنتخب وكان سببًا للانقسام داخل النخبة السياسية والمجتمع المدني، ليس موضع اتهام مباشر في الفضيحة التي ضربت قطاع الطاقة في البلاد، لكن دوره في إضعاف الوكالات الرقابية – خصوصًا مكتب مكافحة الفساد والنائب الخاص – جعله محور غضب شعبي واسع؛ ما جعل ظلَّه عبئًا إضافيًّا على الحكومة.
وبينما تضغط موسكو وواشنطن في آن واحد لدفع كييف نحو مفاوضات سلام بشروط غير مقبولة بالنسبة للأوكرانيين، لم يعد زيلينسكي قادرًا على تحمل كلفة وجود شخصية مثيرة للجدل ضمن فريق التفاوض؛ فالرواية الروسية التي تروّج لصورة أوكرانيا كدولة غارقة في الفساد كانت ستجد في استمرار يِرماك فرصة لتقويض موقف كييف أمام الإدارة الأمريكية، كما أن أي اتفاق يُوقّع بإشرافه كان سيصبح مادة جيدة لزعزعة الإجماع الداخلي حول إستراتيجية إنهاء الحرب.
ويرى الخبراء أن خروج يِرماك قد يتحول إلى نقطة قوة إذا أحسن زيلينسكي إدارة التوقيت والمسار؛ فالحرب المستنزِفة تتطلب تعزيز القدرة العسكرية، ورفع كفاءة الابتكار الدفاعي، والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، كما أن ضمان استمرار الدعم المالي الخارجي بنحو 60 مليار دولار تحتاجها أوكرانيا خلال 2026-2027، مرتبط بإثبات إرادة حقيقية في مكافحة الفساد، وفي ظل اعتقاد 64% من الأوكرانيين أن القضاء على الفساد عنصر أساسي للصمود، فإن اللحظة تبدو مناسبة لإعادة ضبط بنية الحكم.
وبينما فرضت الأزمة ضرورة إعادة توزيع السلطة بين الحكومة والبرلمان والسلطات المحلية، وتعزيز استقلال القضاء والأجهزة الرقابية، وحماية الوكالات المتخصصة في مكافحة الفساد من أي تدخل سياسي، فإن نجاح هذه المؤسسات في استرداد مئات الملايين لصالح الدولة يثبت قدرتها على العمل عندما يتراجع النفوذ السياسي عنها.
ويعتقد مراقبون أن إعادة بناء الحوكمة تعني أيضًا تحرير الصناعات الإستراتيجية من النفوذ غير المشروع، وتوفير بيئة قانونية تضمن حقوق الملكية وتشجع الاستثمار اللازم لإعادة الإعمار، كما يتطلب الأمر مشروعًا حقيقيًّا لتجديد أجهزة الدولة.
وفي هذا السياق يرى محللون أن لدى زيلينسكي فرصة نادرة لإعادة التوازن داخل النظام السياسي عبر إطلاق مبادرة جديدة لإدارة ملفات الاقتصاد والإعمار والموارد البشرية كعملية حكومية متعددة المستويات، بينما يترك للرئاسة دورها الدستوري في الأمن والدفاع والسياسة الخارجية فقط، أمَّا المنظومة التي رسّخها يِرماك خلال سنوات نفوذه، فبإمكان زيلينسكي تفكيكها لمصلحة دولة أكثر انفتاحًا ومؤسسات أكثر قدرة على الصمود؛ ما قد يحدد شكل السلطة في كييف، وقدرة أوكرانيا على التفاوض لحماية مستقبلها.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.






