رواية فجر يعقوب “طبّاخ انغمار برغمان”.. تفكيك الهويات المتصدّعة في المنفى

صدر حديثًا عن منشورات المتوسط – ميلانو، رواية (طبّاخ انغمار برغمان) للكاتب والسينمائي الفلسطيني فجر يعقوب، في عملٍ سرديّ يتقاطع فيه الفن مع العنف، والمنفى مع المسرح، والحب مع الفقد والضياع، وانحلال الهوية في مواجهته ضمن تجربة مأساوية عميقة تنطلق من الواقع السوري والفلسطيني لتتخذ من السويد منصةً سردية وأرضًا رحبة للتيه والتخبط الإنسانيين، كما لو أن -المفارقات- وحدها هي التي تتحكم بمصير أبطالها في بلاد برغمان الواسعة.

الرواية التي تقع في فصلين اثنين (240 صفحة)، تتتبع في جزئها الأول حياة يحيى، اللاجئ الفلسطيني-السوري، ابن المذيع السابق عبد الوهاب حسن، الذي يمثل رمزية النظام القديم المتكلّس، المتهاوي للتو، وقد أصيب في منفاه بالشلل والبُكم، لكنه يواصل استرجاع مجده الغابر من خلال إدمانه الاستماع إلى شرائط صوتية سجّلها بنفسه من زمن السلطة، على أن السقوط المدوي للرموز السابقة سوف يظل يتجدد في أشكال مختلفة أخرى، وكأنه ليس ثمة نهاية ما لتهافتها واستمراريتها بذات النهج والتغوّل. 

في مدينة غوتنبرغ السويدية، يتقاطع طريق يحيى مع كريستينا، الشابة البوسنية الناجية من مجزرة سريبرينيتسا، في لقاء غريب وخاطف ومجنون على سكة ترمواي يستمر بعده لساعات، ويُشعل شرارة غامضة من المشاعر المجنونة غير المفهومة، قبل أن تختفي تماماً لتعود لاحقاً في مسار سردي مفاجئ، وقد أصبحت شخصية ثانية كما لو أنها بتجهمها وتزمتها قد عادت للتو من الزمن الذي دارت فيه أحداث مسرحية (الآنسة جولي) للكاتب السويدي أوغست ستريندبيرغ.

وهي المسرحية التي ستصبح محور الفصل الثاني من الرواية الذي تدور أحداثه في جزيرة فارو الشهيرة، وهي الجزيرة  التي اتخذها المخرج الأسطوري انغمار برغمان موطنًا له، حيث يُستدعى يحيى مع مجموعة لاجئين من جنسيات مختلفة للمشاركة في مشروع مسرحي لتقديم المسرحية الذائعة الصيت، ضمن برنامج اندماج ثقافي.

لكن ما يبدأ كمحاولة فنية بريئة، سرعان ما يتحول إلى فخ غريب، إذ تقع جريمة غامضة، ويتداخل المشاركون مع شخصيات المسرحية، ليجد اللاجئون أنفسهم وقد تمّت إعادة تشكيلهم داخل نصّ كلاسيكي لا يملكون مفاتيحه.

يمكن القول عن رواية (طباخ انغمار برغمان) إنها “رواية عن هشاشة المنفى، وعن الفن حين يتحول من خشبة خلاص إلى قفص حصين غير قابل للتهشيم أو الاقتحام”، يقول الكاتب والسينمائي الفلسطيني فجر يعقوب، مضيفاً: “أردت أن أختبر كيف يُعاد إنتاج اللاجئ داخل بنى ثقافية مهيمنة، تُطالبه بأن يعبّر عن نفسه، لكنه لا يمتلك حرية النص ولا شروط التمثيل.

اللغة في الرواية تتراوح بين السينمائي والمسرحي “المشعرن”، وتلجأ إلى تفكيك المشاهد في مونولوغات داخلية، وتتشظَّى بين ثقافتين: عربية مشبعة بالرموز والشيفرات المعقدة التي قد تبدو صعبة للوهلة الأولى على تفكيك مغاليقها الأساسية بحكم سيرة النفي التي يعيشها أبطال الرواية نفسها، وأوروبية صلبة وراسخة التقاليد.

من إذاعة دمشق إلى سرديات برغمان في جزيرة فارو، تتنقل الرواية بسلاسة عبر العوالم النفسية لشخصياتها، لتقدّم نصاً مغايراً في تجربة السرد العربي الحديث.

الرواية حالياً في طور الترجمة إلى اللغة السويدية، بعد حصولها على منحة ترجمة أولية من مركز الترجمة السويدي – غرب، وقد أنجزت المترجمة السويدية المعروفة ماري أنيل ترجمة أول عشر صفحات منها بانتظار استكمال شروط الحصول على كامل منحة الترجمة.

يُذكر أن فجر يعقوب كاتب ومخرج سينمائي فلسطيني مقيم في السويد، سبق أن أصدر أعمالاً روائية وأفلاماً وثائقية حصلت على جوائز، وتتميّز كتاباته بمزجها بين البعد الوثائقي والدرامي، والانشغال بالهويات المتصدّعة في المنفى. 
 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى