اخبار اليمن | البرع اليمني.. رقصة الحب والحرب والتراث الثقافي

تُعدّ رقصة البرع الاستعراضية شكلاً مطوراً من رقصة الحرب، فالرقصة التي يتم تأديتها في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات كأعراس الزواج، أو موسم الحصاد، أو عند أضرحة الأولياء، أو المناسبات الوطنية، أو عند الاستعداد والتحشيد للحرب، يتم تأديتها باستخدام الخناجر اليمنية (الجنابي) وأحياناً تضاف لها البنادق أو السيوف.
والجنبية اليمنية تاريخياً كانت وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس، ومع الحركة تم استعمالها في رقصة البرع، إذ أضفت على البرع نوعاً من الجمال نتيجة لَمَعَانِها مع تمايل حركات الراقصين، كما أنها تعبر عن الحركات المهارية في الحرب.
وجاءت تسمية رقصة البرع من الفعل (برع) بمعنى غلب، أو فاق نظراءه في أمر، أو أعطى من غير سؤال، كما يطلق البرع في اللغة على العدو الواثب، أو الشخص الذي يستعد للنزال، وجاءت تسمية رقصة البرع بهذا الاسم لأنها تشبه المبارزة القتالية، إذ تتضمن استعراض السلاح، والوثب، والكر والفر في المكان، والبرع في اللهجة اليمنية الدارجة تعني الخطوات السريعة المنتظمة.
ومنذ قديم الزمان استخدم العرب قرع الطبول للتحشيد للحرب، إذ يجتمع الفرسان لاستعراض أسلحتهم ومهاراتهم القتالية، ليتطور هذا الاستعراض إلى رقصة البرع التي يستخدم فيها حالياً الخناجر اليمنية (الجنابي) وأحياناً البنادق والسيوف، للتعبير عن القوة والنخوة، فلدى اليمنيين أن البارع في أداء رقصة البرع هو مقاتل بارع.
وتبدأ رقصة البرع بقرع الطبول والتي يقوم بها شخصان على الأقل من فئة اجتماعية تسمى (المزاينة) يستخدم أحدهما اثنتين من العصي لقرع آلة شعبية تسمى (الطاسة) وهي إناء نحاس مغطى بالجلد، لها صوت حاد وقوي، ويرافقه شخص آخر بالقرع يستخدم عصا واحدة على آلة شعبية أخرى مصنوعة من الجلد ولها صوت غليظ تسمى (المرفع).
وتختلف رقصات البرع حسب الإيقاعات الخاصة بضاربي الطاسة والمرفع، فهناك الإيقاع البطيء الخفيف، والإيقاع المتوسط، والإيقاع السريع، والإيقاع الأكثر سرعة، وهنالك الإيقاع التعبيري الذي يتنوع في الرقصة الواحدة.
وقد يتم تأدية رقصة البرع بمصاحبة عزف آلة المزمار أو الدفوف أو أنغام الناي أو العود أو ترديد الزامل، كما يتم تسمية رقصة البرع نسبة إلى المنطقة أو القبيلة أو إلى طريقة أدائها، فهناك رقصة البرع الرازحية والمطرية والحيمية والسنحانية والهمدانية والحارثية والبيضانية والخولانية والظفيرية واللحجية والتعزية والمحويتية، وهناك أيضاً الحاشدية والعدّة والشبواني والزربادي، أو تسمى حسب المناسبة مثل رقصات الرزحة والركلة والدمندم ونجيم الصباح والحناء.
وفي منطقة تهامة غربي اليمن يستخدم الراقصون السيف للرقص مع حركات استعراضية، وهناك عدد من الرقصات المتنوعة مثل رقصات الحقفة والفرساني والحمرة والشنب والتسييف والمباينة، كما أن لليهود اليمنيين رقصات برع خاصة أشهرها “الشوبعة” و”شيرا”.
وتعد رقصة البرع رقصة ذكورية، نتيجة ارتباطها بالحرب، واستخدام الجنابي فيها، ولذا يؤديها الكبار والصغار على حد سواء، ويحرص اليمنيون على تعليم الأطفال رقصة البرع كونها تزرع فيهم قيم الرجولة والعنفوان. ولكل نوع من أنواع رقصة البرع، دلالات ومعان خاصة تعبر عنها حركات الراقصين، فهناك رقصات خاصة بالأفراح، وأخرى بالأحزان، ورقصات خاصة بالحرب، وأخرى بالسلام، ورقصات تعبيرية أخرى في التجمعات مثل زيارات أضرحة الأولياء وغيرها.
ولرقصة البرع اليمني دلالات ثقافية تعبر عن التلاحم القبلي والتماسك المجتمعي، وتعبر عن قيم الشجاعة والمروءة، كما أن الإيقاع البطيء يعبر عن الاستعداد للسلام بينما الإيقاع السريع يعبر عن الاستعداد للحرب، فيما الأداء الجماعي يعبر عن الروح الجماعية لأبناء القبيلة في الأفراح والأتراح.
وفي عام 2010 تم إدراج رقصة البرع ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في اليمن، في خطوة تهدف إلى توثيقه وحمايته من الاندثار. ويقول علي المحمدي، مدير عام الفنون الشعبية وقائد الفرقة الوطنية للفنون بوزارة الثقافة اليمنية لـ”العربي الجديد” إن رقصة البرع هي رقصة تعبيرية حربية تتكون من أربعة إيقاعات مختلفة، وتسمى باللهجة الدارجة الدسعة، والوسطى، والسارع، وتنتهي بالهوشلية. ولدينا الكثير من رقصات البرع، والاختلاف هو في البداية، أي في إيقاع الدسعة، فمثلاً رقصة البرع السنحاني في البداية يختلف الإيقاع وعندما ننتقل إلى الوسطى والسارع والهوشلية فكله متشابه، وكل الرقصات تختلف في بدايتها، وتتشابه في الإيقاعات الأخرى الوسطى والسارع والهوشلية”.
ويضيف المحمدي أنه بالنسبة للبرع في تعز وتهامة وحضرموت والبرع الحرازي فتكون من إيقاع واحد، ولدينا رقصة في حضرموت تسمى الزربادي تتكون من إيقاعين اثنين، إيقاع يسمى مدخل وهو بطيء، وإيقاع مخرج سريع، والزربادي هي نسبة لقبيلة آل زربد، وأغلب رقصات البرع في اليمن تنسب إلى المناطق أو إلى القبائل”.
ويشير المحمدي إلى أن الإيقاع قديماً كان يستخدم نوعاً من الاتصال، بين القبائل أو بين القرى، حيث يقوم شخص بقرع الطاسة فالناس تتجمع ليعرفوا ما حدث إما زواج أو حرب أو موت أو غير ذلك، ولذا في بداية البرع هناك ما يسمى السياري، أي يبدأ بالقرع على الطاسة ويبدأ الناس بالرقص الذي ينتهي بالهوشلية”.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.